وَمَا وَجَدْنَا قَوْلَ الْمُخَالِفِينَ يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ إلَّا عَنْ زَيْدٍ وَحْدَهُ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْهُمَا - وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يُخَرَّجَ قَوْلُ عُمَرَ، وَعُثْمَانَ، وَابْنِ مَسْعُودٍ عَلَى قَوْلِ ابْنِ سِيرِينَ - وَلَيْسَ يُقَالُ فِي إضْعَافِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ: خَالَفَ أَهْلَ الصَّلَاةِ - فَبَطَلَ مَا مَوَّهُوا بِهِ مِنْ هَذَا - وَلِلَّهِ تَعَالَى الْحَمْدُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُمْ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] أَيْ مِمَّا يَرِثُهُ أَبَوَاهُ: فَبَاطِلٌ، وَزِيَادَةٌ فِي الْقُرْآنِ لَا يَجُوزُ الْقَوْلُ بِهَا.
بُرْهَانُ ذَلِكَ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ، قَالَ: أَرْسَلَنِي ابْنُ عَبَّاسٍ إلَى زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَسْأَلُهُ عَنْ زَوْجٍ وَأَبَوَيْنِ؟ فَقَالَ: لِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَا بَقِيَ، فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَتَقُولُهُ بِرَأْيِك أَمْ تَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى؟ قَالَ زَيْدٌ: أَقُولُهُ بِرَأْيِي، وَلَا أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ.
قَالَ عَلِيٌّ: فَلَوْ كَانَ لِزَيْدٍ بِالْآيَةِ مُتَعَلَّقٌ مَا قَالَ: أَقُولُهُ بِرَأْيِي لَا أُفَضِّلُ أُمًّا عَلَى أَبٍ، وَلَقَالَ: بَلْ أَقُولُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَيْسَ الرَّأْيُ حُجَّةً، وَنَصُّ الْقُرْآنِ يُوجِبُ صِحَّةَ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] فَهَذَا عُمُومٌ لَا يَجُوزُ تَخْصِيصُهُ.
وَالْعَجَبُ أَنَّهُمْ مُجْمِعُونَ مَعَنَا عَلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] أَنَّ ذَلِكَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، لَا مِمَّا يَرِثُهُ الْأَبَوَانِ، ثُمَّ يَقُولُونَ هَاهُنَا فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ} [النساء: ١١] إنَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا يَرِثُ الْأَبَوَانِ - وَهَذَا تَحَكُّمٌ فِي الْقُرْآنِ وَإِقْدَامٌ عَلَى تَقْوِيلِ اللَّهِ تَعَالَى مَا لَمْ يَقُلْ - وَنَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ هَذَا.
وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ: فَأَصَابَ فِي الْوَاحِدَةِ وَأَخْطَأَ فِي الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ فَرَّقَ بَيْنَ حُكْمِ النَّصِّ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَإِنَّمَا جَاءَ النَّصُّ مَجِيئًا وَاحِدًا عَلَى كُلِّ حَالٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة مِيرَاث الزَّوْجَيْنِ]
١٧١٧ - مَسْأَلَةٌ: وَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلزَّوْجَةِ وَلَدٌ ذَكَرٌ أَوْ أُنْثَى وَلَا وَلَدُ وَلَدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى، مِنْ وَلَدٍ ذَكَرٍ وَإِنْ سَفَلَ - سَوَاءٌ كَانَ الْوَلَدُ مِنْ ذَلِكَ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute