للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْحُرُمَاتُ قِصَاصٌ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: ١٩٤] {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤]

فَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ لَا تُمْكِنُ فِيهِ مُمَاثَلَةٌ لَمَا أَجْمَلَ لَنَا أَمْرَهُ بِالْقِصَاصِ فِي الْجُرُوحِ جُمْلَةً، وَلَمْ يَخُصَّ شَيْئًا - فَنَحْنُ نَشْهَدُ بِشَهَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى التَّامَّةِ الصَّادِقَةِ، وَنَقْطَعُ قَطْعَ الْمُوقِنِ الْمُصَدِّقِ بِكَلَامِ رَبِّهِ تَعَالَى: أَنَّ رَبَّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَوْ أَرَادَ تَخْصِيصَ شَيْءٍ مِنْ الْجُرُوحِ بِالْمَنْعِ مِنْ الْقِصَاصِ فِي الْعَمْدِ لَبَيَّنَهَا لَنَا كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ كِتَابِهِ أَنَّهُ أَنْزَلَهُ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ، فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ، فَنَحْنُ نُقْسِمُ بِاَللَّهِ تَعَالَى قَسَمًا بِرًّا: أَنَّهُ مَا أَرَادَ قَطُّ تَخْصِيصَ شَيْءٍ مِنْ الْجُرُوحِ بِالْمَنْعِ مِنْ الْقِصَاصِ مِنْهُ، إلَّا فِي الِاعْتِدَاءِ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ قَتَلَ عَمْدًا فَعُفِيَ عَنْهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الدِّيَةَ أَوْ الْمُفَادَاةَ]

٢٠٧٦ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَعُفِيَ عَنْهُ وَأُخِذَ مِنْهُ الدِّيَةَ، أَوْ الْمُفَادَاةَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: يُجْلَدُ مِائَةً وَيُنْفَى سَنَةً كَمَا نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي عَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ قَالَ فِي الَّذِي يَقْتُلُ عَمْدًا: أَنَّهُ لَا يَقَعُ الْقِصَاصُ عَلَيْهِ بِجَلْدِ مِائَةٍ، قُلْت: كَيْفَ؟ قَالَ - فِي الْحُرِّ يَقْتُلُ عَمْدًا، أَوْ فِي أَشْبَاهِ ذَلِكَ.

وَبِهِ - إلَى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: أَنَّ عُمَرَ جَلَدَ حُرًّا قَتَلَ عَبْدًا مِائَةً وَنَفَاهُ عَامًا

وَبِهِ - إلَى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ قَالَ: سَمِعْت أَنَّ الَّذِي يَقْتُلُ عَبْدًا يُسْجَنُ سَنَةً وَيُضْرَبُ مِائَةً.

وَبِهِ - إلَى ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: إنْ قَتَلَ الْحُرُّ عَبْدًا عُوقِبَ بِجَلْدٍ وَجِيعٍ، وَسِجْنٍ، وَبِعِتْقِ رَقَبَةٍ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ، وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ عُقُوبَةٌ

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ، وَاللَّيْثُ. وَمَالِكٌ: مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَعَفَا عَنْهُ الْأَوْلِيَاءُ، أَوْ فَادَوْهُ بِالدِّيَةِ؛ فَإِنَّهُ يُجْلَدُ مِائَةَ سَوْطٍ مَعَ ذَلِكَ، وَيُنْفَى سَنَةً - إلَى أَنْ قَالَ مَالِكٌ: فِي الْقَسَامَةِ يُدْعَى عَلَى جَمَاعَةٍ أَنَّهُمْ لَا يُقْسِمُونَ إلَّا عَلَى وَاحِدٍ فَإِنْ أَقْسَمُوا عَلَيْهِ قَتَلُوهُ، وَضَرَبَ الْبَاقُونَ كُلَّ وَاحِدٍ مِائَةِ سَوْطٍ، وَيُنْفَوْا كُلُّهُمْ سَنَةً سَنَةً.

<<  <  ج: ص:  >  >>