قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذْ لَمْ يَأْتِ فِي الْقُرْآنِ، وَلَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ قَوْلَ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ: " أَمْرُك بِيَدِك، أَوْ قَدْ مَلَّكْتُك أَمْرَك، أَوْ اخْتَارِي " يُوجِبُ أَنْ تَكُونَ طَالِقًا، أَوْ أَنَّ لَهَا أَنْ تُطَلِّقَ نَفْسَهَا، أَوْ أَنْ تَخْتَارَ طَلَاقًا، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْرُمَ عَلَى الرَّجُلِ فَرْجٌ أَبَاحَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ وَرَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِأَقْوَالٍ لَمْ يُوجِبْهَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
[مَسْأَلَةٌ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ]
١٩٣٤ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: كَالْمِيتَةِ، وَالدَّمِ، وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ، أَوْ مَا قَالَ مِنْ ذَلِكَ، فَهُوَ كُلُّهُ بَاطِلٌ وَكَذِبٌ، وَلَا تَكُونُ بِذَلِكَ عَلَيْهِ حَرَامًا، وَهِيَ امْرَأَتُهُ كَمَا كَانَتْ - نَوَى بِذَلِكَ طَلَاقًا أَوْ لَمْ يَنْوِ.
وَقَدْ اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا، فَقَالَ عَلِيٌّ، وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وَابْنُ عُمَرَ: هِيَ بِذَلِكَ الْقَوْلِ طَالِقٌ ثَلَاثًا - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى - وَرُوِيَ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ.
وَقَوْلٌ آخَرُ - أَنَّهَا بِذَلِكَ حَرَامٌ عَلَيْهِ - وَلَمْ يَذْكُرُوا طَلَاقًا، صَحَّ هَذَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَعَنْ رِجَالٍ لَمْ يُسَمُّوا مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - وَصَحَّ عَنْ الْحَسَنِ، وَخِلَاسِ بْنِ عَمْرٍو، وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، وَقَتَادَةَ: أَنَّهُمْ أَمَرُوهُ بِاجْتِنَابِهَا فَقَطْ.
وَقَوْلٌ ثَالِثٌ - رُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ: إنْ كَانَ نَوَى فِي التَّحْرِيمِ الطَّلَاقَ وَإِلَّا فَهُوَ يَمِينٌ - وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ، وَطَاوُسٍ، وَالشَّافِعِيِّ، وَالزُّهْرِيِّ.
وَقَوْلٌ رَابِعٌ - رُوِّينَاهُ عَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ: كَانَ أَصْحَابُنَا يَقُولُونَ فِي الْحَرَامِ: إنْ نَوَى ثَلَاثًا فَهِيَ ثَلَاثٌ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، إلَّا أَنَّهُ قَالَ: وَإِنْ نَوَى يَمِينًا فَهِيَ يَمِينٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ كَذِبٌ لَا شَيْءَ فِيهَا.
وَقَوْلٌ خَامِسٌ - عَنْ إبْرَاهِيمَ: إنْ نَوَى وَاحِدَةً أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ، وَإِنْ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ - وَقَدْ رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ وَكِيعٍ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ إبْرَاهِيمَ: وَإِنْ نَوَى اثْنَتَيْنِ فَهِيَ اثْنَتَانِ.
وَقَوْلٌ سَادِسٌ - هُوَ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ: رُوِّينَاهُ عَنْ عُمَرَ - وَبِهِ يَقُولُ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute