ذَلِكَ، وَهُمْ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ - الرِّيحَ، وَالْبَوْلَ، وَالْغَائِطَ يَنْقُضُ الطَّهَارَةَ -: أَنْ يَقِيسُوا النَّاسِيَ فِي الصَّوْمِ عَلَى النَّاسِي فِي الطَّهَارَةِ، وَالْمَغْلُوبَ بِالْقَيْءِ عَلَى الْمَغْلُوبِ بِالْحَدَثِ، وَكُلُّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا أَصْلًا، فَبَطَلَ قِيَاسُهُمْ الْفَاسِدُ وَكَانَ أَدْخَلَ فِي الْقِيَاسِ لَوْ قَاسُوا الْمُكْرَهَ، وَالْمَغْلُوبَ فِي الصَّوْمِ عَلَى الْمُكْرَهِ، وَالْمَغْلُوبِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى تَرْكِ الْقِيَامِ، أَوْ تَرْكِ السُّجُودِ، أَوْ الرُّكُوعِ، فَهَؤُلَاءِ صَلَاتُهُمْ تَامَّةٌ بِإِجْمَاعٍ مِنْهُمْ؛ فَكَذَلِكَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صَوْمُ الْمُكْرَهِ وَالْمَغْلُوبِ وَلَا فَرْقَ؛ وَلَكِنَّهُمْ لَا يُحْسِنُونَ الْقِيَاسَ وَلَا يَتَّبِعُونَ النُّصُوصَ وَلَا يَطْرُدُونَ أُصُولَهُمْ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
وَأَمَّا دُخُولُ الْحَمَّامِ، وَالتَّغْطِيسُ فِي الْمَاءِ، وَدَهْنُ الشَّارِبِ، فَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَا يَدْخُلُ الصَّائِمُ الْحَمَّامَ.
وَعَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ الْإِفْطَارُ بِدَهْنِ الشَّارِبِ، وَعَنْ بَعْضِ السَّلَفِ مِثْلُ ذَلِكَ فِي التَّغْطِيسِ فِي الْمَاءِ، وَلَا حُجَّةَ إلَّا فِيمَا صَحَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَأْتِ عَنْهُ نَهْيٌ لِلصَّائِمِ عَنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ؛ فَكُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَا يَكْدَحُ فِي الصَّوْمِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الْمَجْنُون وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ فِي شَهْر رَمَضَانَ]
٧٥٤ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ عَلِيٌّ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْمَجْنُونِ، وَالْمُغْمَى عَلَيْهِ؟ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: مَنْ جُنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ فَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ، فَإِنْ أَفَاقَ فِي شَيْءٍ مِنْهُ - قَضَى الشَّهْرَ كُلَّهُ. قَالَ: وَمَنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ الشَّهْرَ كُلَّهُ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ كُلِّهِ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ بَعْدَ لَيْلَةٍ مِنْ الشَّهْرِ - قَضَى الشَّهْرَ كُلَّهُ إلَّا يَوْمَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ الَّتِي أُغْمِيَ عَلَيْهِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَوَى صِيَامَهُ مِنْ اللَّيْلِ. وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ بَلَغَ وَهُوَ مَجْنُونٌ مُطْبَقٌ فَأَقَامَ وَهُوَ كَذَلِكَ سِنِينَ ثُمَّ أَفَاقَ -: فَإِنَّهُ يَقْضِي كُلَّ رَمَضَانَ كَانَ فِي تِلْكَ السِّنِينَ، وَلَا يَقْضِي شَيْئًا مِنْ الصَّلَوَاتِ. قَالَ: فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَكْثَرَ النَّهَارِ فَعَلَيْهِ قَضَاؤُهُ، فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ أَقَلَّ النَّهَارِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاؤُهُ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ إيجَابُ الْقَضَاءِ عَلَيْهِ جُمْلَةً دُونَ تَقْسِيمٍ. وَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ: لَا قَضَاءَ عَلَى الْمَجْنُونِ إلَّا عَلَى الَّذِي يُجَنُّ وَيُفِيقُ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute