رُوِّينَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد نَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ نا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادِهِ.
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ أَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ نا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُعْطِي أَزْوَاجَهُ كُلَّ سَنَةٍ ثَمَانِينَ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَعِشْرِينَ وَسْقًا مِنْ شَعِيرٍ» ؟ قُلْنَا: لَيْسَ فِي هَذَا بَيَانٌ أَنَّهُ كَانَ يَدْفَعُهُ إلَيْهِنَّ مُقَدَّمًا فَهُوَ جَائِزٌ، وَجَائِزٌ أَيْضًا أَنْ يُعْطِيَهُ إيَّاهُنَّ مُيَاوَمَةً، أَوْ مُشَاهَرَةً - وَنَحْنُ لَمْ نَمْنَعْ مِنْ ذَلِكَ إنْ طَابَتْ نَفْسُهُ بِهِ، فَإِنْ فَعَلَ الْحَاكِمُ ذَلِكَ فَتَلِفَ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ مِنْهَا، أَوْ بِعُدْوَانٍ.
فَهِيَ ضَامِنَةٌ لَهُ، لِأَنَّهَا أَخَذَتْ مَا لَيْسَ حَقًّا لَهَا، وَحُكْمُ الْحَاكِمِ لَا يُحِلُّ مَالَ أَحَدٍ لِغَيْرِهِ، وَلَا يُسْقِطُ حَقَّ ذِي حَقٍّ، فَلَوْ تَطَوَّعَ هُوَ بِذَلِكَ دُونَ قَضَاءِ قَاضٍ فَتَلِفَ بِغَيْرِ عُدْوَانٍ مِنْهَا فَعَلَيْهِ نَفَقَتُهَا ثَانِيَةً، وَكِسْوَتُهَا ثَانِيَةً كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا لَمْ تَتَعَدَّ، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا وَحَقُّهَا بَاقٍ قَبْلَهُ، إذْ لَمْ يُعْطِهِ إيَّاهَا بَعْدُ.
[مَسْأَلَةٌ إسْكَانُ الزَّوْجَة عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ]
١٩٢١ - مَسْأَلَةٌ: وَيَلْزَمُهُ إسْكَانُهَا عَلَى قَدْرِ طَاقَتِهِ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦] .
[مَسْأَلَةٌ لَا يَلْزَمُ الزَّوْج حُلِيٌّ وَلَا طِيبٌ]
١٩٢٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَلْزَمُهُ لَهَا حُلِيٌّ وَلَا طِيبٌ، لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُوجِبْهُمَا عَلَيْهِ، وَلَا رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -
[مَسْأَلَةٌ مَنَعَ الزَّوْج النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا]
١٩٢٣ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ مَنَعَ النَّفَقَةَ وَالْكِسْوَةَ - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا - فَسَوَاءٌ كَانَ غَائِبًا.
أَوْ حَاضِرًا هُوَ دَيْنٌ فِي ذِمَّتِهِ، يُؤْخَذُ مِنْهُ أَبَدًا وَيَقْضِي لَهَا بِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدَ مَوْتِهِ، وَمِنْ رَأْسِ مَالِهِ يُضْرَبُ بِهِ مَعَ الْغُرَمَاءِ، لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا فَهُوَ دَيْنٌ قِبَلَهُ.
[مَسْأَلَةٌ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ نَفَقَةِ الزَّوْجَة وَالْكِسْوَةِ]
١٩٢٤ - مَسْأَلَةٌ: فَمَنْ قَدَرَ عَلَى بَعْضِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ، فَسَوَاءٌ قَلَّ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَوْ كَثُرَ: الْوَاجِبُ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِمَا قَدَرَ، وَيُسْقَطُ عَنْهُ مَا لَا يَقْدِرُ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ سَقَطَ عَنْهُ، وَلَمْ يَجِبْ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ، فَإِنْ أَيْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ قُضِيَ عَلَيْهِ مِنْ حِينِ يُوسَرَ، وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِشَيْءٍ أَنْفَقَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ مُدَّةَ عُسْرِهِ، لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
وقَوْله تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا} [الطلاق: ٧] فَصَحَّ يَقِينًا أَنَّ مَا لَيْسَ فِي وُسْعِهِ، وَلَا آتَاهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ، فَلَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُ، وَمَا لَمْ يُكَلِّفْهُ اللَّهُ تَعَالَى