للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ مُسْلِمٍ أَنْ يُغَسَّلَ وَيُكَفَّنَ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، إلَّا مَنْ خَصَّهُ نَصٌّ أَوْ إجْمَاعٌ، وَلَا نَصَّ، وَلَا إجْمَاعَ، إلَّا فِيمَنْ قَتَلَهُ الْكُفَّارُ فِي الْمُعْتَرَكِ وَمَاتَ فِي مَصْرَعِهِ - فَهَؤُلَاءِ هُمْ الَّذِينَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُزَمَّلُوا بِدِمَائِهِمْ فِي ثِيَابِهِمْ وَيُدْفَنُوا كَمَا هُمْ دُونَ غُسْلٍ وَلَا تَكْفِينٍ - وَلَا يَجِبُ فَرْضًا عَلَيْهِمْ صَلَاةٌ، فَبَقِيَ سَائِرُ الشُّهَدَاءِ، وَالْمَوْتَى، عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ فِي الْغُسْلِ، وَالتَّكْفِينِ وَالصَّلَاةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة هَلْ لِلْعَادِلِ أَنْ يَعْمِدَ قَتْلَ أَبِيهِ الْبَاغِي أَمْ لَا]

٢١٦٠ - مَسْأَلَةٌ: هَلْ لِلْعَادِلِ أَنْ يَعْمِدَ قَتْلَ أَبِيهِ الْبَاغِي أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ قَائِلُونَ: لَا يَحِلُّ لِمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ قَتْلُ أَبِيهِ، أَوْ أَخِيهِ، أَوْ ذِي رَحِمٍ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ عَمْدًا، لَكِنْ إنْ ضَرَبَهُ لِيَصِيرَ بِذَلِكَ غَيْرَ مُمْتَنِعٍ مِنْ أَخْذِ الْحَقِّ مِنْهُ، فَلَا حَرَجَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَلَسْنَا نَقُولُ بِهَذَا، فَإِنَّ بِرَّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةَ الرَّحِمِ إنَّمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِمَا مَا لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ مَعْصِيَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ «لَا طَاعَةَ لِأَحَدٍ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى» وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقِتَالِ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ وَلَمْ يَخُصَّ بِذَلِكَ ابْنًا مِنْ أَجْنَبِيٍّ، وَأَمَرَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ كَذَلِكَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٨] الْآيَةَ.

{إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ} [الممتحنة: ٩] إلَى قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [الممتحنة: ٩] وَقَالَ تَعَالَى {لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} [المجادلة: ٢٢] الْآيَةَ.

وَقِتَالُ أَهْلِ الْبَغْيِ قِتَالٌ فِي الدِّينِ، إلَّا أَنَّنَا لَا نَخْتَارُ أَنْ يَعْمِدَ الْمَرْءُ إلَى أَبِيهِ - خَاصَّةً - أَوْ جَدِّهِ، مَا دَامَ يَجِدُ غَيْرَهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حَرَجَ.

وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي إقَامَةِ الْحَدِّ عَلَيْهِمَا، وَعَلَى الْأُمِّ وَالْجَدَّةِ فِي الْقَتْلِ، وَالْقَطْعِ وَالْقِصَاصِ، وَالْجَلْدِ، وَلَا فَرْقَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>