فَالسِّلْعَةُ الَّتِي ابْتَاعَ مَالٌ مِنْ مَالِ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُطَوَّلِ بِحَقِّهِ الْمُعْتَدَى عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَدِيَ عَلَى الْمُعْتَدِي عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْهِ بِهِ نَصُّ الْقُرْآنِ، فَلَهُ إمْسَاكُ السِّلْعَةِ حَتَّى يَنْتَصِفَ.
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ الْخُشَنِيِّ نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى نا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ نا هُشَيْمٌ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ أَنَّ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ قَالَ فِيمَنْ بَاعَ سِلْعَةً فَنَقَدَهُ الْمُشْتَرِي بَعْضَ الثَّمَنِ، فَقَالَ الْبَائِعُ: لَا أُعْطِيك السِّلْعَةَ حَتَّى تَجِيءَ بِالْبَقِيَّةِ، فَجَعَلَ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ السِّلْعَةَ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ.
وَقَالَ هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ: أَنَّ عُرْوَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ جَعَلَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا السِّلْعَةَ رَهْنًا بِمَا بَقِيَ - فَهَذَا عَمْرٌو صَاحِبٌ لَا يُعْرَفُ لَهُ فِي هَذَا مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ.
[مَسْأَلَةٌ الارتهان فِي نَفْسِ عَقْدِ التَّدَايُنِ]
١٢١٩ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا يَكُونُ حُكْمُ الرَّهْنِ إلَّا لِمَا ارْتَهَنَ فِي نَفْسِ عَقْدِ التَّدَايُنِ، وَأَمَّا مَا ارْتَهَنَ بَعْدَ تَمَامِ الْعَقْدِ فَلَيْسَ لَهُ حُكْمُ الرَّهْنِ، وَلِرَاهِنِهِ أَخْذُهُ مَتَى شَاءَ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَجْعَلْ الرَّهْنَ إلَّا فِي الْعَقْدِ - كَمَا تَلَوْنَا - وَكُلُّ مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ.
١٢٢٠ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ تَدَايَنَ فَرَهَنَ فِي الْعَقْدِ رَهْنًا صَحِيحًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تَدَايَنَا أَيْضًا وَجَعَلَا ذَلِكَ الرَّهْنَ رَهْنًا عَنْ هَذَا الدَّيْنِ الثَّانِي، فَالْعَقْدُ الثَّانِي بَاطِلٌ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ ذَلِكَ الرَّهْنَ قَدْ صَحَّ فِي الْعَقْدِ الْأَوَّلِ، فَلَا يَجُوزُ نَقْلُهُ إلَى عَقْدٍ آخَر، إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، فَهُوَ شَرْعٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ، وَكُلُّ عَقْدٍ انْعَقَدَ عَلَى بَاطِلٍ فَهُوَ بَاطِلٌ، لِأَنَّهُ لَمْ تُعْقَدْ لَهُ صِحَّةٌ إلَّا بِصِحَّةِ مَا لَا صِحَّةَ لَهُ، فَلَا صِحَّةَ لَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ رَهَنَ ثُمَّ أَنْصَفَ مِنْ بَعْضِ دَيْنِهِ]
١٢٢١ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ رَهَنَ رَهْنًا صَحِيحًا ثُمَّ أَنْصَفَ - مِنْ بَعْضِ دَيْنِهِ - أَقَلِّهِ أَوْ أَكْثَرِهِ - فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجُ عَنْ الرَّهْنِ بِقَدْرِ مَا أَدَّى، لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، لِأَنَّ الرَّهْنَ وَقَعَ فِي جَمِيعِهِ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ فَلَا يَسْقُطُ عَنْ بَعْضِ الرَّهْنِ حُكْمُ الرَّهْنِ مِنْ أَجْلِ سُقُوطِ بَعْضِ الدَّيْنِ، إذْ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute