وَقَالَ الْآخَرُونَ: عَلِيٌّ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ فِي الصَّدَقَةِ، وَإِنَّمَا النَّظَرُ فِي الْأَخْمَاسِ.
قَالَ عَلِيٌّ: كِلَا الْقَوْلَيْنِ دَعْوًى فَاسِدَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ تِلْكَ الذَّهَبُ مِنْ خُمْسٍ وَاجِبٍ، أَوْ مِنْ زَكَاةٍ لَمَا جَازَ أَلْبَتَّةَ أَخْذُهَا إلَّا بِوَزْنٍ وَتَحْقِيقٍ، لَا يُظْلَمُ مَعَهُ الْمُعْطِي وَلَا أَهْلُ الْأَرْبَعَةِ الْأَخْمَاسِ؛ فَلَمَّا كَانَتْ لَمْ تَحْصُلْ مِنْ تُرَابِهَا صَحَّ يَقِينًا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا كَانَتْ هَدِيَّةً مِنْ الَّذِي أَصَابَهَا، أَوْ مِنْ وَجْهٍ غَيْرِ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ، فَأَعْطَاهَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مَنْ شَاءَ، وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي مَالٍ غَيْرِ الزَّرْعِ إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ، وَالْمَعْدِنِ مِنْ جُمْلَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ؛ فَلَا شَيْءَ فِيهَا إلَّا بَعْدَ الْحَوْلِ، وَهَذَا قَوْلُ اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، وَأَحَدِ أَقْوَالِ الشَّافِعِيِّ، وَقَوْلِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَرَأَى مَالِكٌ أَنَّ مَنْ ظَهَرَ فِي أَرْضِهِ مَعْدِنٌ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ مِلْكُهُ عَنْهُ، وَيَصِيرُ لِلسُّلْطَانِ، وَهَذَا قَوْلٌ فِي غَايَةِ الْفَسَادِ؛ بِلَا بُرْهَانٍ مِنْ قُرْآنٍ، وَلَا سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَلَا رِوَايَةٍ سَقِيمَةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ؛ وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ، وَلَا رَأْيٍ لَهُ وَجْهٌ، وَعَلَى هَذَا إنْ ظَهَرَ فِي مَسْجِدٍ أَنْ يَصِيرَ مِلْكُهُ لِلسُّلْطَانِ وَيَبْطُلُ حُكْمُهُ وَلَوْ أَنَّهُ الْكَعْبَةُ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ.
وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ.» ، فَصَحَّ أَنَّ مَنْ ظَهَرَ فِي أَرْضِهِ مَعْدِنٌ فَهُوَ لَهُ، يُورَثُ عَنْهُ وَيَعْمَلُ فِيهِ مَا شَاءَ.
[مَسْأَلَةٌ لَا تُؤْخَذُ زَكَاةٌ مِنْ كَافِرٍ]
٧٠١ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا تُؤْخَذُ زَكَاةٌ مِنْ كَافِرٍ لَا مُضَاعَفَةً وَلَا غَيْرَ مُضَاعَفَةٍ، لَا مِنْ بَنِي تَغْلِبٍ وَلَا مِنْ غَيْرِهِمْ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؟ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ، كَذَلِكَ إلَّا فِي بَنِي تَغْلِبَ خَاصَّةً؛ فَإِنَّهُمْ قَالُوا: تُؤْخَذُ مِنْهُمْ الزَّكَاةُ مُضَاعَفَةً، وَاحْتَجُّوا بِخَبَرٍ وَاهٍ مُضْطَرِبٍ فِي غَايَةِ الِاضْطِرَابِ، رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ الشَّيْبَانِيِّ عَنْ السَّفَّاحِ بْنِ مَطَرٍ عَنْ دَاوُد بْنِ كُرْدُوسٍ التَّغْلِبِيِّ قَالَ: صَالَحْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute