للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ حَدَّثَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ - هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ - عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ، لَا رِبَا فِي يَدٍ بِيَدٍ، وَالْمَاءِ مِنْ الْمَاءِ.

وَصَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ.

وَرُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَجَّاجِ بْنِ الْمِنْهَالِ أَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ قَالَ: سَأَلْت عَطَاءَ بْنَ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ الصِّرْفِ؟ فَقَالَ: يَا بُنَيَّ إنْ وَجَدْتَ مِائَةَ دِرْهَمٍ بِدِرْهَمٍ نَقْدًا فَخُذْهُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: حَدِيثُ عُبَادَةَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَعُمَرَ، وَأَبِي سَعِيدٍ، فِي أَنَّ الْأَصْنَافَ السِّتَّةَ كُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا بِصِنْفِهِ: رِبًا إنْ كَانَ فِي أَحَدِهِمَا زِيَادَةٌ عَلَى وَزْنِ الْآخَرِ: هُوَ زَائِدٌ حُكْمًا عَلَى حَدِيثِ أُسَامَةَ، وَالْبَرَاءِ، وَزَيْدٍ - وَالزِّيَادَةُ لَا يَحِلُّ تَرْكُهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة بَيْع الْقَمْح وَالشَّعِير وَغَيْرهمْ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّة]

١٤٨٦ - مَسْأَلَةٌ:

وَجَائِزٌ بَيْعُ الْقَمْحِ، وَالشَّعِيرِ، وَالتَّمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالذَّهَبِ، أَوْ بِالْفِضَّةِ يَدًا بِيَدٍ وَنَسِيئَةً - وَجَائِزٌ تَسْلِيمُ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ بِالْأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْنَا؛ لِأَنَّ النَّصَّ جَاءَ بِإِبَاحَةِ كُلِّ ذَلِكَ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَة القرض فِي الْقَمْح وَالشَّعِير وَغَيْرهمْ مِنْ الْأَصْنَاف]

١٤٨٧ - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا الْقَرْضُ فَجَائِزٌ فِي الْأَصْنَافِ الَّتِي ذَكَرْنَا وَغَيْرِهَا، وَفِي كُلِّ مَا يُتَمَلَّكُ، وَيَحِلُّ إخْرَاجُهُ عَنْ الْمِلْكِ، وَلَا يَدْخُلُ الرِّبَا فِيهِ، إلَّا فِي وَجْهٍ وَاحِدٍ فَقَطْ، وَهُوَ اشْتِرَاطُ أَكْثَرَ مِمَّا أَقْرَضَ، أَوْ أَقَلَّ مِمَّا أَقْرَضَ، أَوْ أَجْوَدَ مِمَّا أَقْرَضَ، أَوْ أَدْنَى مِمَّا أَقْرَضَ، وَهَذَا مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَهُوَ فِي الْأَصْنَافِ السِّتَّةِ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، كَمَا أَوْرَدْنَا بِأَنَّهُ رِبًا وَهُوَ فِيمَا عَدَاهَا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى فَهُوَ بَاطِلٌ - وَيَجُوزُ إلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَمُؤَخَّرًا بِغَيْرِ ذِكْرِ أَجَلٍ، لَكِنْ حَالٌّ فِي الذِّمَّةِ مَتَى طَلَبَهُ صَاحِبُهُ أَخَذَهُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ مُدَّةٍ يَنْتَفِعُ فِيهَا الْمُسْتَقْرِضُ بِمَا اسْتَقْرَضَ -.

وَهَذَا خَطَأٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِهِ قُرْآنٌ، وَلَا سُنَّةٌ، وَلَا رِوَايَةٌ سَقِيمَةٌ، وَلَا قِيَاسٌ، وَلَا قَوْلُ أَحَدٍ نَعْلَمُهُ قَبْلَهُ.

وَأَيْضًا: فَإِنَّهُ حَدٌّ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي سَاعَةٍ فَمَا فَوْقَهَا.

وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} [النساء: ٥٨] وَالْقَرْضُ أَمَانَةٌ فَفُرِضَ أَدَاؤُهَا إلَى صَاحِبِهَا مَتَى طَلَبَهَا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>