يُقَامَ حَدُّ الزِّنَى عَلَى يَهُودِيٍّ وَلَا يَهُودِيَّةٍ، وَحَمَلُوا فِعْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَلِكَ عَلَى مَا لَمْ يَقْدَمُوا عَلَى إطْلَاقِهِ بِأَلْسِنَتِهِمْ، إمَّا أَنَّهُ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَإِمَّا أَنَّهُ عَلَى إنْفَاذٍ لِمَا فِي التَّوْرَاةِ، مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُمْ إنْفَاذُهُ، وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ حَالٍ لَمْ يَحْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ بِأَمْرِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا بِوَحْيِهِ إلَيْهِ، وَلَا بِحَقٍّ يَجِبُ اتِّبَاعُهُ فِيهِ: لَا مَحِيدَ لَهُمْ مِنْ هَذَا
فَهَذَا الَّذِي ظَنُّوا مِنْ ذَلِكَ كَذِبٌ بَحْتٌ، وَمَا فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا، وَلَا أَنَّهَا كَانَتْ قَاعِدَةً، بَلْ قَدْ يَحْنِي عَلَيْهَا وَهُوَ رَاكِعٌ - وَهُوَ الْأَظْهَرُ - أَوْ وَهُوَ مُنْكَبٌّ قَرِيبٌ مِنْ الْجُلُوسِ، وَهُوَ مُمْكِنٌ جِدًّا أَيْضًا، وَأَمَّا أَنْ يَحْنِيَ عَلَيْهَا وَهُوَ قَائِمٌ وَهِيَ قَاعِدَةٌ فَمُمْتَنِعٌ لَا يُمْكِنُ أَلْبَتَّةَ، وَلَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ - وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا قَائِمَيْنِ، وَيَحْنِي عَلَيْهَا بِفَضْلِ مَا لِلرَّجُلِ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ الطُّولِ، وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَا قَاعِدَيْنِ
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَلَيْسَ فِيهِ: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَوْجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَقُومَ قَائِمًا، إذْ جَلَدَهُ وَلَا بُدَّ، وَلَا أَنَّ الْمَرْأَةَ بِخِلَافِ الرَّجُلِ
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: فَإِذْ لَا نَصَّ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا، وَلَا إجْمَاعَ، فَقَدْ أَيْقَنَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَوْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ إقَامَةُ الْحَدِّ عَلَى حَالٍ لَا يَتَعَدَّى مِنْ قِيَامٍ أَوْ قُعُودٍ، أَوْ فَرَّقَ بَيْنَ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ لَبَيَّنَهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -
فَصَحَّ أَنَّ الْجَلْدَ فِي الزِّنَى، وَالْقَذْفِ، وَالْخَمْرِ، وَالتَّعْزِيرِ: يُقَامُ كَيْفَمَا تَيَسَّرَ عَلَى الْمَرْأَةِ وَالرَّجُلِ، قِيَامًا وَقُعُودًا، فَإِنْ امْتَنَعَ أَمْسَكَ، وَإِنْ دَفَعَ بِيَدَيْهِ الضَّرْبَ عَنْ نَفْسِهِ: مِثْلُ أَنْ يَلْقَى الشَّيْءَ الَّذِي يُضْرَبُ بِهِ فَيَمْسِكَهُ أُمْسِكَتْ يَدَاهُ
[مَسْأَلَة صفة ضَرْب الْحُدُود]
٢١٩٢ - مَسْأَلَةٌ: صِفَةُ الضَّرْبِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَجَازَ قَوْمٌ أَنْ يُسَالَ الدَّمُ فِي جَلْدِ الْحُدُودِ، وَالتَّعْزِيرِ - وَهُوَ لَمْ يَأْتِ بِهِ عَنْ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، بَلْ قَدْ صَحَّ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ لَا تَجِدُ، فَاجْلِدْهَا، وَلَا يُعْرَفُ لَهُ فِي ذَلِكَ مُخَالِفٌ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَاَلَّذِي نَقُولُ بِهِ فِي الضَّرْبِ فِي الزِّنَى، وَالْقَذْفِ، وَالْخَمْرِ، وَالتَّعْزِيرِ: أَنْ لَا يُكْسَرَ لَهُ عَظْمٌ، وَلَا أَنْ يُشَقَّ لَهُ جِلْدٌ، وَلَا أَنْ يُسَالَ الدَّمُ، وَلَا أَنْ يَعْفَنَ لَهُ اللَّحْمُ، لَكِنْ بِوَجَعٍ سَالِمٍ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ، فَمَنْ تَعَدَّى فَشَقَّ فِي ذَلِكَ الضَّرْبِ جِلْدًا، أَوْ أَسَالَ دَمًا، أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute