فَقُلْنَا: أَفِي إجَارَةٍ تَكَلُّمُنَا مَعَكُمْ أَمْ فِي بَيْعٍ؟ وَالْإِجَارَةُ غَيْرُ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّنَا نُؤَاجِرُ الْحُرَّةَ لِلرِّضَاعِ وَلَمْ نَبْتَعْ مِنْهَا لَبَنَهَا أَصْلًا.
ثُمَّ أَغْرَبُ شَيْءٍ احْتِجَاجُهُمْ فِي هَذَا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ إجَارَةِ الظِّئْرِ، وَهُمْ يُحَرِّمُونَ بَيْعَ لَبَنِ الشَّاةِ الْوَاحِدَةِ، وَالْبَقَرَةِ الْوَاحِدَةِ وَالنَّاقَةِ الْوَاحِدَةِ، وَهَذَا أَشْبَهُ بِإِجَارَةِ الظِّئْرِ الْوَاحِدَةِ، وَإِنَّمَا يُجِيزُونَ ذَلِكَ فِي الْغَنَمِ الْكَثِيرَةِ - فَاعْجَبُوا لِسَخَافَةِ هَذَا الْقِيَاسِ وَشِدَّةِ تَنَاقُضِهِ، إذْ حَرَّمُوا مَا يُشْبِهُ مَا قَاسُوا عَلَى إبَاحَتِهِ، وَأَبَاحُوا قِيَاسًا عَلَيْهِ مَا لَا يُشْبِهُهُ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَإِنْ زَادَ الصُّوفُ؟ فَهُمَا مُتَدَاعِيَانِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ كَانَتْ الْغَنَمُ مَعْرُوفَةً لَهُ أَوْ فِي يَدِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعْرُوفَةً لَهُ وَكَانَتْ فِي يَدِ الْآخَرِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآخَرِ مَعَ يَمِينِهِ.
فَإِنْ كَانَتْ فِي أَيْدِيهمَا، أَوْ فِي غَيْرِ أَيْدِيهمَا مَعًا، فَحُكْمُهُمَا حُكْمُ الْمُتَدَاعِيَيْنِ فِي الشَّيْءِ يَكُونُ بِأَيْدِيهِمَا، أَوْ بِغَيْرِ أَيْدِيهِمَا عَلَى مَا نَذْكُرُ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي التَّدَاعِي فِي الْأَقْضِيَةِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ بَيْعُ الظَّاهِرِ دُونَ الْمَغِيبِ]
١٤٢٨ - مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا بَيْعُ الظَّاهِرِ دُونَ الْمَغِيبِ فِيهَا فَحَلَالٌ، إلَّا أَنْ يَمْنَعَ مِنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَصٌّ، فَجَائِزٌ بَيْعُ الثَّمَرَةِ وَاسْتِثْنَاءُ نَوَاهَا، وَبَيْعُ جِلْدِ النَّافِجَةِ دُونَ الْمِسْكِ الَّذِي فِيهَا، وَالْجِرَابِ، وَالظُّرُوفِ كُلِّهَا دُونَ مَا فِيهَا، وَقِشْرِ الْبَيْضِ، وَاللَّوْزِ، وَالْجَوْزِ، وَالْجِلَّوْزِ، وَالْفُسْتُقِ، وَالْبَلُّوطِ، وَالْقَسْطَلِ، وَكُلِّ قِشْرٍ لَا تُحَاشِي شَيْئًا دُونَ مَا تَحْتَهَا، وَبَيْعُ الشَّمْعِ دُونَ الْعَسَلِ الَّذِي فِيهِ، وَبَيْعُ التِّبْنِ دُونَ الْحَبِّ الَّذِي فِيهِ، وَجِلْدِ الْحَيَوَانِ الْمَذْبُوحِ أَوْ الْمَنْحُورِ دُونَ لَحْمِهِ، أَوْ دُونَ عُضْوٍ مُسَمًّى مِنْهَا، وَبَيْعُ الْأَرْضِ دُونَ مَا فِيهَا مِنْ بَذْرٍ، أَوْ خَضْرَاوَاتٍ مُغَيَّبَةٍ أَوْ ظَاهِرَةٍ، وَدُونَ الزَّرْعِ الَّذِي فِيهَا، وَدُونَ الشَّجَرِ الَّذِي فِيهَا، وَالْحَيَوَانِ اللَّبُونِ دُونَ لَبَنِهِ الَّذِي اجْتَمَعَ فِي ضُرُوعِهِ، وَلَا يَحِلُّ اسْتِثْنَاءُ لَبَنٍ لَمْ يَحْدُثْ بَعْدُ وَلَا اجْتَمَعَ فِي ضُرُوعِهِ.
وَيَجُوزُ بَيْعُ الْحَامِلِ دُونَ حَمْلِهَا سَوَاءٌ نُفِخَ فِيهِ الرُّوحُ أَوْ لَمْ يُنْفَخْ. وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ حَيَوَانٍ حَيٍّ وَاسْتِثْنَاءُ عُضْوٍ مِنْهُ أَصْلًا.
وَيَجُوزُ بَيْعُ عُصَارَةِ الزَّيْتُونِ، وَالسِّمْسِمِ، دُونَ الدُّهْنِ قَبْلَ عَصْرِهِ.
وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ جِلْدِ حَيَوَانٍ حَيٍّ دُونَ لَحْمِهِ، وَلَا دُونَ عُضْوٍ مُسَمًّى مِنْهُ أَصْلًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute