للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِأَنَّهُ قَالَ: {وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: ٢٩] وَبِأَنَّهُ قَالَ: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ} [البقرة: ١٩٨] .

وَهُوَ الَّذِي أَمَرَ بِرَمْيِ الْجَمْرَةِ فَلَا يَجُوزُ الْأَخْذُ بِبَعْضِ قَوْلِهِ دُونَ بَعْضٍ.

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] فَكَانَ الطَّوَافُ بِالْبَيْتِ هُوَ الْحَجُّ كَعَرَفَةَ وَلَا فَرْقَ.

وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» لَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْحَجُّ غَيْرَ عَرَفَةَ أَيْضًا؛ وَقَدْ وَافَقَنَا الْمُخَالِفُ عَلَى أَنَّ امْرَأً لَوْ قَصَدَ عَرَفَةَ فَوَقَفَ بِهَا فَلَمْ يُحْرِمْ وَلَا لَبَّى، وَلَا طَافَ، وَلَا سَعَى فَلَا حَجَّ لَهُ؛ فَبَطَلَ تَعَلُّقُهُمْ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «الْحَجُّ عَرَفَةَ» .

[مَسْأَلَةٌ وَطِئَ عَامِدًا فَبَطَلَ حَجُّهُ]

٨٥٧ - مَسْأَلَةٌ:

فَمَنْ وَطِئَ عَامِدًا كَمَا قُلْنَا فَبَطَلَ حَجُّهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَمَادَى عَلَى عَمَلٍ فَاسِدٍ بَاطِلٍ لَا يُجْزِئُ عَنْهُ لَكِنْ يُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِهِ، فَإِنْ أَدْرَكَ تَمَامَ الْحَجِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ غَيْرَ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ لَا يُدْرِكُ تَمَامَ الْحَجِّ فَقَدْ عَصَى، وَأَمْرُهُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا هَدْيَ فِي ذَلِكَ، وَلَا شَيْءَ؛ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَمْ يَحُجَّ قَطُّ، فَعَلَيْهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ.

وَقَدْ اخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي هَذَا -: فَرُوِّينَا عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنْ يَتَمَادَيَا فِي حَجِّهِمَا، ثُمَّ يَحُجَّانِ مِنْ قَابِلٍ وَيَتَفَرَّقَانِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي جَامَعَ فِيهِ وَعَلَيْهِ هَدْيٌ وَعَلَيْهَا، وَهَذَا مُرْسَلٌ عَنْ عُمَرَ؛ لِأَنَّهُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يُدْرِكْ مُجَاهِدُ عُمَرَ.

وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ عَلَى كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَدَنَةٌ وَيَتَفَرَّقَانِ إذَا حَجَّا مِنْ قَابِلٍ وَهَذَا مُرْسَلٌ عَنْ عَلِيٍّ، لِأَنَّهُ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ عَلِيٍّ، وَالْحَكَمُ لَمْ يُدْرِكْ عَلِيًّا.

وَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَقْوَالًا مِنْهَا: أَنْ يَتَمَادَيَا عَلَى حَجِّهِمَا ذَلِكَ وَعَلَيْهِمَا هَدْيٌ وَحَجٌّ قَابِلٌ وَيَتَفَرَّقَانِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ.

وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ قَالُوا: فَإِنْ لَمْ يَجِدْ هَدْيًا صَامَ صِيَامَ الْمُتَمَتِّعِ، وَقَوْلٌ آخَرُ مِثْلُ هَذَا سَوَاءٌ سَوَاءٌ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُعَوِّضْ مِنْ الدَّمِ صِيَامًا.

وَعَنْ ابْنِ عَمْرٍو، وَابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ، وَلَمْ يَذْكُرُوا تَفْرِيقًا.

وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا أَنَّهُ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ، وَيَتَفَرَّقَانِ مِنْ قَابِلٍ قَبْلَ الْمَوْضِعِ الَّذِي جَامَعَهَا فِيهِ - وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا هَدْيٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>