أَيَكُونُ طُهْرًا خَمْسَةُ أَيَّامٍ؟ قَالَ: النِّسَاءُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ. قَالَ عَلِيٌّ: لَا يَصِحُّ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - خِلَافُ قَوْلِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَهُوَ قَوْلُنَا وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَالنِّفَاسُ وَالْحَيْضُ سَوَاءٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ لَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ]
٢٦٨ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا حَدَّ لِأَقَلِّ النِّفَاسِ، وَأَمَّا أَكْثَرُهُ فَسَبْعَةُ أَيَّامٍ لَا مَزِيدَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ فِي أَنَّ دَمَ النِّفَاسِ إنْ كَانَ دَفْعَةً ثُمَّ انْقَطَعَ الدَّمُ وَلَمْ يُعَاوِدْهَا فَإِنَّهَا تَصُومُ وَتُصَلِّي وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: إنْ عَاوَدَهَا دَمٌ فِي الْأَرْبَعِينَ يَوْمًا فَهُوَ دَمُ نِفَاسٍ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ.
إنْ عَاوَدَهَا بَعْدَ الْخَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَلَيْسَ دَمَ نِفَاسٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذِهِ حُدُودٌ لَمْ يَأْذَنْ اللَّهُ تَعَالَى بِهَا وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ بَاطِلٌ.
وَأَمَّا أَكْثَرُ النِّفَاسِ فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ مَرَّةً: سِتُّونَ يَوْمًا، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ ذَلِكَ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَقَالَ مَالِكٌ: النِّسَاءُ أَعْلَمُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْثَرُ النِّفَاسِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا.
فَأَمَّا مَنْ حَدَّ سِتِّينَ يَوْمًا فَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً، وَأَمَّا مَنْ قَالَ أَرْبَعُونَ يَوْمًا فَإِنَّهُمْ ذَكَرُوا رِوَايَاتٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مِنْ طَرِيقِ مَسَّةَ الْأَزْدِيَّةِ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ، وَرِوَايَةً عَنْ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ، وَهُوَ كَذَّابٌ، وَرِوَايَةً عَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ امْرَأَتَهُ رَأَتْ الطُّهْرَ بَعْدَ عِشْرِينَ يَوْمًا، فَاغْتَسَلَتْ وَدَخَلَتْ مَعَهُ فِي لِحَافِهِ، فَضَرَبَهَا بِرِجْلِهِ وَقَالَ: لَا تَغُضِّي مِنْ دِينِي حَتَّى تَمْضِيَ الْأَرْبَعُونَ، وَهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهَذَا، وَلَا أَسْوَأَ حَالًا مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمَا لَا يَرَاهُ حُجَّةً، وَهُوَ أَيْضًا عَنْ الْجَلْدِ بْنِ أَيُّوبَ وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ.
وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ مِثْلُهُ، وَعَنْ جَابِرٍ عَنْ خَيْثَمَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَعَنْ وَكِيعٍ عَنْ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ إيَاسٍ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَنْتَظِرُ النُّفَسَاءُ نَحْوًا مِنْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: لَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ ذَكَرْنَا وَنَذْكُرُ مَا خَالَفُوا فِيهِ الصَّاحِبَ، وَالصَّحَابَةُ لَا يُعْرَفُ لَهُمْ مِنْهُمْ مُخَالِفُونَ، وَأَقْرَبُ ذَلِكَ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَّصِلَةِ بِهَذِهِ مِنْ أَقَلِّ الطُّهْرِ، فَإِنَّهُمْ خَالَفُوا فِيهِ ابْنَ عَبَّاسٍ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ أَصْلًا وَلَقَدْ يَلْزَمُ الْمَالِكِيِّينَ وَالشَّافِعِيِّينَ الْمُشَنِّعِينَ بِخِلَافِ الصَّاحِبِ الَّذِي