للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيْضًا بِإِجْمَاعٍ، ثُمَّ كَانَتْ الْكُدْرَةُ بَيَاضًا غَيْرَ نَاصِعٍ، وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ حَيْضًا، ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ الصُّفْرَةُ كُدْرَةً مُشْبَعَةً وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ حَيْضًا، ثُمَّ لَمَّا كَانَتْ الْحُمْرَةُ صُفْرَةً مُشْبَعَةً وَجَبَ أَنْ لَا تَكُونَ حَيْضًا، وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ - وَهُوَ مَا كَانَ بَعْدَ أَكْثَرِ أَيَّامِ الْحَيْضِ - لَيْسَ حَيْضًا وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ لَيْسَ حَيْضًا، فَهَذَا أَصَحُّ مِنْ قِيَاسِهِمْ؛ لِأَنَّنَا لَمْ نُسَاعِدْهُمْ قَطُّ عَلَى أَنَّ الْحُمْرَةَ وَالصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ حَيْضٌ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ وَلَا فِي وَقْتٍ مِنْ الْأَوْقَاتِ، وَلَا جَاءَ بِذَلِكَ قَطُّ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَلَا قِيَاسٌ غَيْرُ مُعَارَضٍ وَلَا قَوْلُ صَاحِبٍ لَمْ يُعَارَضْ وَهُمْ كُلُّهُمْ قَدْ وَافَقُونَا عَلَى أَنَّ كُلَّ ذَلِكَ لَيْسَ حَيْضًا إذَا رُئِيَ فِيمَا زَادَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ، فَبَطَلَ قِيَاسُهُمْ، وَكَانَ مَا جِئْنَاهُمْ بِهِ - لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ لَا يَصِحُّ غَيْرُهُ.

وَكَذَلِكَ لَا يُوَافِقُونَ عَلَى أَنَّ الْحُمْرَةَ جُزْءٌ مِنْ السَّوَادِ، وَلَا أَنَّ الصُّفْرَةَ جُزْءٌ مِنْ الْحُمْرَةِ، وَلَا أَنَّ الْكُدْرَةَ جُزْءٌ مِنْ الصُّفْرَةِ، بَلْ هِيَ دَعْوَى عَارَضْنَاهُمْ بِدَعْوَى مِثْلِهَا فَسَقَطَ كُلُّ مَا قَالُوهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَثَبَتَ قَوْلُنَا بِشَهَادَةِ النَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ لَهُ.

[مَسْأَلَةٌ الْحَائِض إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ]

٢٥٥ - مَسْأَلَةٌ

فَإِذَا رَأَتْ الطُّهْرَ كَمَا ذَكَرْنَا لَمْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ وَلَا الطَّوَافُ بِالْكَعْبَةِ حَتَّى تَغْسِلَ جَمِيعَ رَأْسِهَا وَجَسَدِهَا بِالْمَاءِ، أَوْ تَتَيَمَّمَ إنْ عَدِمَتْ الْمَاءَ أَوْ كَانَتْ مَرِيضَةً عَلَيْهَا فِي الْغُسْلِ حَرَجٌ، وَإِنْ أَصْبَحَتْ صَائِمَةً وَلَمْ تَغْتَسِلْ فَاغْتَسَلَتْ أَوْ تَيَمَّمَتْ - إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ - بِمِقْدَارِ مَا تَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ صَحَّ صِيَامُهَا، وَهَذَا كُلُّهُ إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ، وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَإِذَا أَدْبَرَتْ الْحَيْضَةُ فَتَطَهَّرِي» وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [البقرة: ٢٢٢] وَقَدْ أَخْبَرَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّ الْأَرْضَ طَهُورٌ إذَا لَمْ نَجِدْ الْمَاءَ، فَوَجَبَ التَّيَمُّمُ لِلْحَائِضِ عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَفِي تَأْخِيرِهَا الْغُسْلَ وَالتَّيَمُّمَ عَنْ هَذَا الْمِقْدَارِ خِلَافٌ نَذْكُرُهُ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ إنْ شَاءَ اللَّهُ.

[مَسْأَلَة الْحَائِض إذَا وَطِئَهَا زَوْجهَا أَوْ سيدها لَهَا إذَا رَأَتْ الطُّهْرِ]

٢٥٦ - مَسْأَلَةٌ:

وَأَمَّا وَطْءُ زَوْجِهَا أَوْ سَيِّدِهَا لَهَا إذَا رَأَتْ الطُّهْرَ فَلَا يَحِلُّ إلَّا بِأَنْ تَغْسِلَ جَمِيعَ رَأْسِهَا وَجَسَدَهَا بِالْمَاءِ أَوْ بِأَنْ تَتَيَمَّمَ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَبِأَنْ تَتَوَضَّأَ وُضُوءَ الصَّلَاةِ أَوْ تَتَيَمَّمَ إنْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ التَّيَمُّمِ، فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَبِأَنْ تَغْسِلَ فَرْجَهَا بِالْمَاءِ وَلَا بُدَّ، أَيَّ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْأَرْبَعَةِ فَعَلَتْ حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا.

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: ٢٢٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>