للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهُوَ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ، وَمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِهِ أَبَدًا أَيْسَرَ أَوْ لَمْ يُوسِرْ.

وَهَذَا بِخِلَافِ مَا وَجَبَ لَهَا مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ كِسْوَةٍ فَمَنَعَهَا إيَّاهَا - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهَا - فَهَذَا يُؤْخَذُ بِهِ أَبَدًا أَعْسَرَ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يُعْسِرْ، لِأَنَّهُ قَدْ كَلَّفَهُ اللَّهُ تَعَالَى إيَّاهُ، فَهُوَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ، فَلَا يُسْقِطُهُ عَنْهُ إعْسَارُهُ، لَكِنْ يُوجِبُ الْإِعْسَارُ أَنْ يَنْظُرَ بِهِ إلَى الْمَيْسَرَةِ فَقَطْ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] .

[مَسْأَلَةٌ مَنَعَهَا الزَّوْج النَّفَقَةَ أَوْ الْكِسْوَةَ أَوْ الصَّدَاقَ]

١٩٢٥ - مَسْأَلَةٌ: وَلَوْ أَنَّ الزَّوْجَ يَمْنَعُهَا النَّفَقَةَ أَوْ الْكِسْوَةَ أَوْ الصَّدَاقَ ظُلْمًا، أَوْ لِأَنَّهُ فَقِيرٌ لَا يَقْدِرُ لَمْ يَجُزْ لَهَا مَنْعُ نَفْسِهَا مِنْهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ، لِأَنَّهُ وَإِنْ ظَلَمَ فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَمْنَعَهُ حَقًّا لَهُ قَبْلَهَا، إنَّمَا لَهَا أَنْ تَنْتَصِفَ مِنْ مَالِهِ - إنْ وَجَدَتْهُ لَهُ - بِمِقْدَارِ حَقِّهَا: «كَمَا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ إذْ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ مُمْسِكٌ لَا يُعْطِينِي مَا يَكْفِينِي أَفَآخُذُ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ؟ فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ» .

رُوِّينَاهُ هَكَذَا مِنْ لَفْظِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - مِنْ طَرِيقِ الْبُخَارِيِّ، قَالَ: نا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: نا يَحْيَى - هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ - عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ -.

[مَسْأَلَةٌ عَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتُهُ غَنِيَّةٌ]

١٩٢٦ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ عَجَزَ الزَّوْجُ عَنْ نَفَقَةِ نَفْسِهِ وَامْرَأَتُهُ غَنِيَّةٌ كُلِّفَتْ النَّفَقَةَ عَلَيْهِ، وَلَا تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إنْ أَيْسَرَ، إلَّا أَنْ يَكُونَ عَبْدًا فَنَفَقَتُهُ عَلَى سَيِّدِهِ لَا عَلَى امْرَأَتِهِ - وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ لِلْحُرِّ وَلَدٌ أَوْ وَالِدٌ فَنَفَقَتُهُ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ وَالِدِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَا فَقِيرَيْنِ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ لا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلا وُسْعَهَا لا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] .

قَالَ عَلِيٌّ: الزَّوْجَةُ وَارِثَةٌ فَعَلَيْهَا نَفَقَتُهُ بِنَصِّ الْقُرْآنِ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَفَقَةُ الزَّوْجَةِ عَلَى الْعَبْدِ كَمَا هِيَ عَلَى الْحُرِّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى إذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>