للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهَا إلَى آخِرِ وَقْتِهَا لَيْسَ عَاصِيًا. لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَا يَفْعَلُ الْمَعْصِيَةَ فَإِذًا هِيَ لَيْسَتْ عَاصِيَةً فَلَمْ تَتَعَيَّنْ الصَّلَاةُ عَلَيْهَا بِعُدُولِهَا تَأْخِيرَهَا، فَإِذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهَا حَتَّى حَاضَتْ فَقَدْ سَقَطَتْ عَنْهَا، وَلَوْ كَانَتْ الصَّلَاةُ تَجِبُ بِأَوَّلِ الْوَقْتِ لَكَانَ مَنْ صَلَّاهَا بَعْدَ مُضِيِّ مِقْدَارِ تَأْدِيَتِهَا مِنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا قَاضِيًا لَهَا لَا مُصَلِّيًا، وَفَاسِقًا بِتَأْخِيرِهَا عَنْ وَقْتِهَا، وَمُؤَخِّرًا لَهَا عَنْ وَقْتِهَا، وَهَذَا بَاطِلٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ أَحَدٍ. ٢٥٩ - مَسْأَلَةٌ:

فَإِنْ طَهُرَتْ فِي آخِرِ وَقْتِ الصَّلَاةِ بِمِقْدَارِ مَا لَا يُمْكِنُهَا الْغُسْلُ وَالْوُضُوءُ حَتَّى يَخْرُجَ الْوَقْتُ، فَلَا تَلْزَمُهَا تِلْكَ الصَّلَاةُ وَلَا قَضَاؤُهَا، وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ وَأَصْحَابِنَا.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ: عَلَيْهَا أَنْ تُصَلِّيَ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: بُرْهَانُ صِحَّةِ قَوْلِنَا إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يُبِحْ الصَّلَاةَ إلَّا بِطَهُورٍ، وَقَدْ حَدَّ اللَّهُ تَعَالَى لِلصَّلَوَاتِ أَوْقَاتَهَا، فَإِذَا لَمْ يُمْكِنْهَا الطَّهُورُ وَفِي الْوَقْتِ بَقِيَّةٌ فَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهَا لَمْ تُكَلَّفْ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي لَمْ يَحِلَّ لَهَا أَنْ تُؤَدِّيَهَا فِي وَقْتِهَا.

[مَسْأَلَةٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَلَذَّذَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ بِكُلِّ شَيْءٍ حَاشَا الْإِيلَاجَ فِي الْفَرْجِ]

٢٦٠ - مَسْأَلَةٌ:

وَلِلرَّجُلِ أَنْ يَتَلَذَّذَ مِنْ امْرَأَتِهِ الْحَائِضِ بِكُلِّ شَيْءٍ، حَاشَا الْإِيلَاجَ فِي الْفَرْجِ، وَلَهُ أَنْ يُشَفِّرَ وَلَا يُولِجَ، وَأَمَّا الدُّبُرُ فَحَرَامٌ فِي كُلِّ وَقْتٍ.

وَفِي هَذَا خِلَافٌ فَرُوِّينَا عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَعْتَزِلُ فِرَاشَ امْرَأَتِهِ إذَا حَاضَتْ وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعَطَاءٌ - إلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ عَنْ عُمَرَ - وَأَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ: لَهُ مَا فَوْقَ الْإِزَارِ مِنْ السُّرَّةِ فَصَاعِدًا إلَى أَعْلَاهَا، وَلَيْسَ لَهُ مَا دُونَ ذَلِكَ.

فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ مَذْهَبَ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ احْتَجَّ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: ٢٢٢] ، وَبِحَدِيثٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُد عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ الدَّرَاوَرْدِيِّ عَنْ أَبِي الْيَمَانِ عَنْ أُمِّ ذَرَّةٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ " كُنْتُ إذَا حِضْتُ نَزَلْتُ عَنْ الْمِثَالِ عَلَى الْحَصِيرِ فَلَمْ نَقْرَبْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ نَدْنُ مِنْهُ حَتَّى نَطْهُرَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَأَمَّا هَذَا الْخَبَرُ فَإِنَّهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْيَمَانِ كَثِيرِ بْنِ الْيَمَانِ الرَّحَّالِ وَلَيْسَ بِالْمَشْهُورِ، عَنْ أُمِّ ذَرَّةٍ وَهِيَ مَجْهُولَةٌ فَسَقَطَ، وَأَمَّا الْآيَةُ فَهِيَ مُوجِبَةٌ لِفِعْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>