عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ عَنْ عَمِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ: " أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ إبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لِأَهْلِهَا وَإِنِّي حَرَّمْتُ الْمَدِينَةَ كَمَا حَرَّمَ إبْرَاهِيمُ مَكَّةَ» . قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَصَحَّ تَحْرِيمُ قَتْلِ صَيْدِ الْمَدِينَةِ وَأَنَّ ذَلِكَ كَحُكْمِ حَرَمِ مَكَّةَ سَوَاءٌ سَوَاءٌ، فَصَحَّ أَنَّ كُلَّ صَيْدٍ قُتِلَ فِي حَرَمِ الْمَدِينَةِ، أَوْ مَكَّةَ فَهُوَ غَيْرُ ذَكِيٍّ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ، وَقَتَادَةَ: مَنْ رَمَى صَيْدًا فِي الْحِلِّ، وَالرَّامِي فِي الْحَرَمِ فَعَلَيْهِ الْجَزَاءُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الْقَارِنُ وَالْمُعْتَمِرُ وَالْمُتَمَتِّعُ سَوَاءٌ فِي جَزَاءِ قَتْلَ الصَّيْد]
٨٨٦ - مَسْأَلَةٌ:
وَالْقَارِنُ، وَالْمُعْتَمِرُ، وَالْمُتَمَتِّعُ: سَوَاءٌ فِي الْجَزَاءِ فِيمَا ذَكَرْنَا سَوَاءٌ فِي حِلٍّ أَصَابُوهُ، أَوْ فِي حَرَمٍ - إنَّمَا فِي كُلِّ ذَلِكَ جَزَاءٌ وَاحِدٌ - وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ؛ وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: عَلَى الْقَارِنِ جَزَاءَانِ فَإِنْ قَتَلَهُ فِي الْحَرَمِ وَهُوَ مُحْرِمٌ فَجَزَاءٌ وَاحِدٌ - وَهَذَا تَنَاقُضٌ شَدِيدٌ؛ ثُمَّ قَالَ: إنْ قَتَلَ الْمُحِلُّ صَيْدًا فِي الْحَرَمِ فَإِنَّمَا فِيهِ الْهَدْيُ، أَوْ الصَّدَقَةُ فَقَطْ، وَلَا يُجْزِئُهُ صِيَامٌ - وَهَذَا تَخْلِيطٌ آخَرُ، وَقَوْلٌ لَا يُعْرَفُ أَحَدٌ قَالَ بِهِ قَبْلَهُ؛ وَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى قَاتِلِ الصَّيْدِ وَهُوَ حَرَمٌ جَزَاءَ مِثْلِ مَا قَتَلَ، لَا جَزَاءَ مِثْلَيْ مَا قَتَلَ؛ فَخَالَفَ الْقُرْآنَ فِي كِلَا الْمَوْضِعَيْنِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَقَدْ جَاءَتْ آثَارٌ عَنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَنَّهُمْ سُئِلُوا عَنْ الصَّيْدِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ؟ فَمَا سَأَلُوا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ أَقَارِنٌ هُوَ، أَمْ مُفْرِدٌ، أَمْ مُعْتَمِرٌ؟ فَبَطَلَ مَا قَالُوهُ جُمْلَةً - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ عَامِدِينَ]
٨٨٧ - مَسْأَلَةٌ:
فَإِنْ اشْتَرَكَ جَمَاعَةٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ عَامِدِينَ لِذَلِكَ كُلُّهُمْ، فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ كُلِّهِمْ إلَّا جَزَاءٌ وَاحِدٌ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] فَلَيْسَ فِي الصَّيْدِ إلَّا مِثْلُهُ لَا أَمْثَالُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute