للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَحْدَهُ؛ وَرِوَايَةٌ عَنْ الشَّعْبِيِّ قَدْ صَحَّ عَنْهُ خِلَافُهَا كَمَا ذَكَرْنَا - وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ حَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمَوَّهَ بَعْضُهُمْ بِحَدِيثَيْنِ هُمَا مِنْ أَعْظَمِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ -: أَحَدُهُمَا: الْخَبَرُ الثَّابِتُ فِي الَّذِي سَأَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْإِسْلَامِ؟ فَأَخْبَرَهُ بِالصَّلَاةِ، وَالزَّكَاةِ، وَالصِّيَامِ، وَالْحَجِّ؛ فَقَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ. وَالثَّانِي:

خَبَرُ ابْنِ عُمَرَ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» فَذَكَرَ شَهَادَةَ التَّوْحِيدِ، وَالصَّلَاةَ، وَالزَّكَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْحَجَّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهُمَا - أَقْوَى، حُجَجِنَا عَلَيْهِمْ لِصِحَّةِ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «دَخَلَتْ الْعُمْرَةُ فِي الْحَجِّ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» فَصَحَّ أَنَّهَا وَاجِبَةٌ بِوُجُوبِ الْحَجِّ، وَأَنَّ فَرْضَهَا دَخَلَ فِي فَرْضِ الْحَجِّ.

وَأَيْضًا: فَحَتَّى لَوْ لَمْ يَأْتِ هَذَا الْخَبَرُ لَكَانَ أَمْرُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَوُرُودُ الْقُرْآنِ بِهَا شَرْعًا زَائِدًا وَفَرْضًا وَارِدًا مُضَافًا إلَى سَائِرِ الشَّرَائِعِ الْمَذْكُورَةِ؛ وَكُلُّهُمْ يَرَى النَّذْرَ فَرْضًا، وَالْجِهَادَ إذَا نَزَلَ بِالْمُسْلِمِينَ فَرْضًا؛ وَغُسْلَ الْجَنَابَةِ فَرْضًا، وَالْوُضُوءَ فَرْضًا، وَلَيْسَ ذَلِكَ مَذْكُورًا فِي الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ وَلَمْ يَرَوْا الْحَدِيثَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ حُجَّةً فِي سُقُوطِ فَرْضِ كُلِّ مَا ذَكَرْنَا، فَوَضَحَ تَنَاقُضُهُمْ وَفَسَادُ مَذْهَبِهِمْ فِي ذَلِكَ - وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

[مَسْأَلَةٌ حَجُّ الْعَبْدِ وَالْأَمَةِ]

٨١٢ - مَسْأَلَةٌ:

وَأَمَّا حَجُّ الْعَبْدِ، وَالْأَمَةِ، فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ، وَمَالِكًا، وَالشَّافِعِيَّ قَالُوا: لَا حَجَّ عَلَيْهِ فَإِنْ حَجَّ لَمْ يُجْزِهِ ذَلِكَ مِنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنِ حَنْبَلٍ: إذَا عَتَقَ بِعَرَفَةَ أَجْزَأَتْهُ تِلْكَ الْحَجَّةُ؛ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: عَلَيْهِ الْحَجُّ كَالْحُرِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا عَنْ جَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ قَالَ أَحَدُهُمَا: مَا مِنْ مُسْلِمٍ، وَقَالَ الْآخَرُ: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إلَّا عَلَيْهِ عُمْرَةٌ وَحَجَّةٌ؛ فَقَطَعَا وَعَمَّا وَلَمْ يَخُصَّا إنْسِيًّا مِنْ جِنِّيٍّ، وَلَا حُرًّا مِنْ عَبْدٍ، وَلَا حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ، وَمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِمَا تَخْصِيصَ الْحُرِّ، وَالْحُرَّةِ؛ فَقَدْ كَذَبَ عَلَيْهِمَا؛ وَلَا أَقَلَّ حَيَاءً مِمَّنْ يَجْعَلُ قَوْلَ ابْنِ عُمَرَ «بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ» حُجَّةٌ فِي إسْقَاطِ فَرْضِ الْعُمْرَةِ - وَهُوَ حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ فَرْضِهَا كَمَا ذَكَرْنَا - وَلَا يَجْعَلُ قَوْلَهُ: مَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ إلَّا عَلَيْهِ: حَجَّةٌ، وَعُمْرَةٌ -: حُجَّةٌ فِي وُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْعَبْدِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>