أُخْرِجَ إحْرَامِي، أَوْ كَلَامًا هَذَا مَعْنَاهُ - وَإِنَّ شُرَيْحًا كَانَ إذَا أَحْرَمَ فَكَأَنَّهُ حَيَّةٌ صَمَّاءُ ٨٥١ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ أَمْكَنَهُ تَجْدِيدُ الْإِحْرَامِ فَلْيَفْعَلْ وَيَحُجَّ أَوْ يَعْتَمِرَ وَقَدْ أَدَّى فَرْضَهُ لِأَنَّ إحْرَامَهُ الْأَوَّلَ قَدْ بَطَلَ وَأَفْسَدَهُ، وَالتَّمَادِي عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} [يونس: ٨١] .
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: فِي سِبَابِ الْمُحْرِمِ دَمٌ؛ وَهُمْ يَجْعَلُونَ الدَّمَ فِيمَا لَا يُكْرَهُ فِيهِ مِنْ الْمَبِيتِ فِي غَيْرِ مِنًى وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يَجْعَلُونَهُ فِي السِّبَابِ لِلْمُحْرِمِ فِي الْحَجِّ.
[مَسْأَلَةٌ وَقَفَ بِعَرَفَةَ عَلَى بَعِيرٍ مَغْصُوبٍ أَوْ جَلَّال]
٨٥٢ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ عَلَى بَعِيرٍ مَغْصُوبٍ، أَوْ جَلَّالٍ بَطَلَ حَجُّهُ إذَا كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ، وَأَمَّا مَنْ حَجَّ بِمَالٍ حَرَامٍ فَأَنْفَقَهُ فِي الْحَجِّ - وَلَمْ يَتَوَلَّ هُوَ حَمْلَهُ بِنَفْسِهِ - فَحَجُّهُ تَامٌّ.
أَمَّا الْمَغْصُوبُ، فَلِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا أَمَرَهُ اللَّهُ - تَعَالَى - بِهِ وَلَمْ يَحُجَّ كَمَا أُمِرَ - وَأَمَّا وُقُوفُهُ عَلَى بَعِيرٍ جَلَّالٍ فَلِمَا صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِمَّا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ نَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ نَا أَبُو دَاوُد نَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ الرَّازِيّ أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْجَهْمِ نَا عَمْرٌو هُوَ ابْنُ أَبِي قَيْسٍ - عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الْجَلَّالَةِ فِي الْإِبِلِ أَنْ يُرْكَبَ عَلَيْهَا» .
وَبِهِ إلَى أَبِي دَاوُد نَا مُسَدَّدٌ نَا عَبْدُ الْوَارِثِ هُوَ التَّنُّورِيُّ - عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ رُكُوبِ الْجَلَّالَةِ» .
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَالْجَلَّالَةُ هِيَ الَّتِي عَلَفُهَا الْجُلَّةُ وَهِيَ الْعَذِرَةُ؛ فَمَنْ وَقَفَ بِعَرَفَةَ عَلَى بَعِيرٍ جَلَّالٍ فَلَمْ يَقِفْ كَمَا أُمِرَ؛ لِأَنَّهُ عَاصٍ فِي وُقُوفِهِ [عَلَيْهِ] وَالْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ طَاعَةٌ وَفَرْضٌ، وَمِنْ الْمُحَالِ أَنْ تَنُوبَ الْمَعْصِيَةُ عَنْ الطَّاعَةِ وَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَمَنْ وَقَفَ بِهَا حَامِلًا لِمَالٍ حَرَامٍ، فَلَمْ يَقِفْ كَمَا أُمِرَ بَلْ وَقَفَ عَاصِيًا، فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ فَقَدْ قَالَ - تَعَالَى -: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: ٥] وَمَنْ لَمْ يَتَعَمَّدْ لِلْحَرَامِ عَالِمًا بِهِ فَلَيْسَ عَاصِيًا، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا فَهُوَ مُحْسِنٌ قَالَ - تَعَالَى -: {مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ} [التوبة: ٩١] فَقَدْ وَقَفَ كَمَا أُمِرَ، وَعَفَا اللَّهُ - تَعَالَى - لَهُ عَمَّا لَمْ يَعْلَمْهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute