قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: احْتَجَّ الْمُخَالِفُونَ بِآثَارٍ سَاقِطَةٍ، وَالْحُجَّةُ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] .
وقَوْله تَعَالَى مُخَاطِبًا لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] .
وَذَكَرَ عَزَّ وَجَلَّ مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا مِنْ النِّسَاءِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} [النساء: ٢٤] .
وَقَدْ أَنْكَحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - زَيْنَبَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ زَيْدًا مَوْلَاهُ.
وَأَنْكَحَ الْمِقْدَادَ ضُبَاعَةَ بِنْتَ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَإِنَّمَا تَخَيَّرْنَا نِكَاحَ الْأَقَارِبِ، لِأَنَّهُ فِعْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنْكِحْ بَنَاتَهِ إلَّا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ.
وَقَالَ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١] .
وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا فِي الْفَاسِقِ، وَالْفَاسِقَةِ، فَيَلْزَمُ مَنْ خَالَفَنَا أَنْ لَا يُجِيزَ لِلْفَاسِقِ أَنْ يَنْكِحَ إلَّا فَاسِقَةً، وَأَنْ لَا يُجِيزَ لِلْفَاسِقَةِ أَنْ يَنْكِحَهَا إلَّا فَاسِقٌ، وَهَذَا لَا يَقُولُهُ أَحَدٌ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠] .
وَقَالَ تَعَالَى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: ٧١] . وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
[مَسْأَلَةٌ تَزْوِيجُ الْمَرِيضِ الْمُوقِنِ بِالْمَوْتِ أَوْ غَيْرِ الْمُوقِنِ]
١٨٦٨ - مَسْأَلَةٌ: وَتَزْوِيجُ الْمَرِيضِ الْمُوقِنِ بِالْمَوْتِ، أَوْ غَيْرِ الْمُوقِنِ: مَرِيضَةً كَذَلِكَ أَوْ صَحِيحَةً جَائِزٌ، وَيَرِثُهَا وَتَرِثُهُ: مَاتَ مِنْ ذَلِكَ الْمَرَضِ أَوْ صَحَّ ثُمَّ مَاتَ.
وَكَذَلِكَ لِلْمَرِيضَةِ الْمُوقِنَةِ وَغَيْرِ الْمُوقِنَةِ: أَنْ تَتَزَوَّجَ صَحِيحًا أَوْ مَرِيضًا، وَلَهَا فِي كُلِّ ذَلِكَ الصَّدَاقُ الْمُسَمَّى كَالصَّحِيحَيْنِ وَلَا فَرْقَ.
وَقَالَ مَالِكٌ: يُفْسَخُ نِكَاحُ الْمَرِيضِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَبَعْدَ الدُّخُولِ، فَإِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَلَا شَيْءَ لَهَا، فَإِنْ دَخَلَ بِهَا فَلَهَا صَدَاقَ مِثْلِهَا فِي ثُلُثِ مَالِهِ، بِمَا اسْتَحَلَّ مِنْ فَرْجِهَا، وَلَا مِيرَاثَ لَهَا مِنْهُ أَلْبَتَّةَ.
قَالَ: فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهَا فَعَلَيْهَا الْإِحْدَادُ وَلَا مِيرَاثَ لَهَا