وَيُجِيزُ مَالِكٌ تَسْلِيمَ الْحَدِيدِ فِي النُّحَاسِ وَأَبُو حَنِيفَةَ يُحَرِّمُ ذَلِكَ وَيَجْعَلُهُ رِبًا {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا} [النساء: ٨٢]
وَالشَّافِعِيُّ يُجِيزُ تَسْلِيمَ الْفُلُوسِ فِي الْفُلُوسِ.
وَسُفْيَانُ يُجِيزُ الْخُبْزَ فِي الدَّقِيقِ مِنْ جِنْسِهِ.
[فَصْلٌ السَّلَمَ حَالًّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ]
فَصْلٌ اسْتَدْرَكْنَا شَيْئًا يَحْتَجُّ بِهِ الشَّافِعِيُّونَ فِي إجَازَتِهِمْ السَّلَمَ حَالًّا فِي الذِّمَّةِ إلَى غَيْرِ أَجَلٍ، وَهُمَا خَبَرَانِ: أَحَدُهُمَا: رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ قَالَ: نا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ الْحَرَّانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: «ابْتَاعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَزُورًا مِنْ أَعْرَابِيٍّ بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ وَهِيَ الْعَجْوَةُ فَجَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى مَنْزِلِهِ، فَالْتَمَسَ التَّمْرَ فَلَمْ يَجِدْهُ، فَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ جَزُورًا بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ عِنْدَنَا، فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ؟ فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاغَدْرَاهُ، فَزَجَرَهُ النَّاسُ وَقَالُوا: أَتَقُولُ هَذَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَعُوهُ فَإِنَّ لِصَاحِبِ الْحَقِّ مَقَالًا، ثُمَّ أَعَادَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْكَلَامَ ثَانِيَةً كَمَا أَوْرَدْنَا، فَقَالَ الْأَعْرَابِيُّ: وَاغَدْرَاهُ، قَالَ: فَلَمَّا لَمْ يَفْهَمْ عَنْهُ الْأَعْرَابِيُّ أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى أُمِّ حَكِيمٍ: أَقْرِضِينَا وَسْقًا مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ حَتَّى يَكُونَ عِنْدَنَا فَنَقْضِيَكَ؟ فَقَالَتْ: أَرْسِلْ رَسُولًا يَأْتِي يَأْخُذُهُ، فَقَالَ لِلْأَعْرَابِيِّ: انْطَلِقْ مَعَهُ حَتَّى يُوفِيَكَ» وَذُكِرَ بَاقِي الْخَبَرِ.
فَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ عَلَى مَذْهَبِهِمْ وَمَذْهَبِنَا؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ لَمْ يَكُنْ تَمَّ بَعْدُ بَيْنَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَبَيْنَ الْأَعْرَابِيِّ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَفَرَّقَا.
هَكَذَا نَصَّ الْحَدِيثُ، وَيُبَيِّنُ ذَلِكَ «قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ إنَّا كُنَّا ابْتَعْنَا مِنْكَ بَعِيرًا بِوَسْقٍ مِنْ تَمْرِ الذَّخِيرَةِ، وَنَحْنُ نَرَى أَنَّهُ عِنْدَنَا، فَالْتَمَسْنَاهُ فَلَمْ نَجِدْهُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute