الْوُضُوءِ مِنْ النَّوْمِ جُمْلَةً، دُونَ تَخْصِيصِ حَالٍ مِنْ حَالٍ، وَلَا كَثِيرَ نَوْمٍ مِنْ قَلِيلِهِ، بَلْ مِنْ كُلِّ نَوْمٍ نَصًّا، وَلَكِنَّا لَسْنَا مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمَا لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِ نَصْرًا لِقَوْلِهِ، وَمَعَاذَ اللَّهِ مِنْ ذَلِكَ.
وَهَذَانِ أَثَرَانِ سَاقِطَانِ لَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِهِمَا. أَمَّا حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ فَمِنْ طَرِيقِ بَقِيَّةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ مَذْكُورٌ بِالْكَذِبِ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ وَهُوَ مَجْهُولٌ. وَأَمَّا حَدِيثُ عَلِيٍّ فَرَاوِيهِ أَيْضًا بَقِيَّةُ عَنْ الْوَضِينِ بْنِ عَطَاءٍ، وَكِلَاهُمَا ضَعِيفٌ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة الْمَذْي والبول والغائط مِنْ أَيْ مَوْضِع خرجا مِنْ الدبر والأحليل]
١٥٩ - مَسْأَلَةٌ: وَالْمَذْيُ وَالْبَوْلُ وَالْغَائِطُ مِنْ أَيْ مَوْضِعٍ خَرَجَ مِنْ الدُّبُرِ وَالْإِحْلِيلِ أَوْ مِنْ جُرْحٍ فِي الْمَثَانَةِ أَوْ الْبَطْنِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْجَسَدِ أَوْ مِنْ الْفَمِ.
فَأَمَّا الْمَذْيُ فَقَدْ ذَكَرْنَا فِي بَابِ تَطْهِيرِ الْمَذْيِ مِنْ كِتَابِنَا هَذَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَنْ وَجَدَهُ «وَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» وَأَمَّا الْبَوْلُ وَالْغَائِطُ فَإِجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ، وَأَمَّا قَوْلُنَا مِنْ أَيِّ مَوْضِعٍ خَرَجَ فَلِعُمُومِ أَمْرِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِالْوُضُوءِ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَخُصَّ خُرُوجَهُمَا مِنْ الْمَخْرَجَيْنِ دُونَ غَيْرِهِمَا، وَهَذَانِ الِاسْمَانِ وَاقِعَانِ عَلَيْهِمَا فِي اللُّغَةِ الَّتِي بِهَا خَاطَبَنَا - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنْ حَيْثُ مَا خَرَجَا، وَمِمَّنْ قَالَ بِقَوْلِنَا هَهُنَا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ، وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ أَسْقَطَ الْوُضُوءَ مِنْهُمَا إذَا خَرَجَا مِنْ غَيْرِ الْمَخْرَجَيْنِ لَا مِنْ قُرْآنٍ وَلَا مِنْ سُنَّةٍ صَحِيحَةٍ وَلَا سَقِيمَةٍ، وَلَا إجْمَاعٍ وَلَا قَوْلِ صَاحِبٍ وَلَا قِيَاسٍ، بَلْ الْقُرْآنُ جَاءَ بِمَا قُلْنَاهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: ٤٣] وَقَدْ يَكُونُ خُرُوجُ الْغَائِطِ وَالْبَوْلِ مِنْ غَيْرِ الْمَخْرَجَيْنِ، فَلَمْ يَخُصَّ تَعَالَى بِالْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ وَالتَّيَمُّمِ مِنْ ذَلِكَ حَالًا دُونَ حَالٍ، وَلَا الْمَخْرَجَيْنِ مِنْ غَيْرِهِمَا، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة الرِّيح الخارجة مِنْ الدبر تَنْقَضِ الْوُضُوء]
١٦٠ - مَسْأَلَةٌ: وَالرِّيحُ الْخَارِجَةُ مِنْ الدُّبُرِ - خَاصَّةً لَا مِنْ غَيْرِهِ - بِصَوْتٍ خَرَجَتْ أَمْ بِغَيْرِ صَوْتٍ. وَهَذَا أَيْضًا إجْمَاعٌ مُتَيَقَّنٌ، وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّ الْوُضُوءَ مِنْ الْفَسْوِ وَالضُّرَاطِ، وَهَذَانِ الِاسْمَانِ لَا يَقَعَانِ عَلَى الرِّيحِ أَلْبَتَّةَ إلَّا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الدُّبُرِ، وَإِلَّا فَإِنَّمَا يُسَمَّى جُشَاءً أَوْ عُطَاسًا فَقَطْ. وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة يَجِب الْوُضُوء عَلَى المستنكح بِشَيْءِ لِكُلِّ صَلَاة فرضا أَوْ نافله]
١٦١ - مَسْأَلَةٌ: فَمَنْ كَانَ مُسْتَنْكِحًا بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرْنَا تَوَضَّأَ - وَلَا بُدَّ - لِكُلِّ صَلَاةٍ فَرْضًا أَوْ نَافِلَةً، ثُمَّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا خَرَجَ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فِيمَا بَيْنَ وُضُوئِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute