وَهَذَا حَرَامٌ، وَإِنَّمَا رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - الضَّمِيرَ - وَهُوَ الْهَاءُ الَّذِي فِي " صَلَاحِهِ " - إلَى الثَّمَرِ الْمَبِيعِ الْمَذْكُورِ فِي الْخَبَرِ بِلَا شَكٍّ - فَصَحَّ مَا قُلْنَاهُ يَقِينًا. وَأَمَّا النَّخْلُ، وَالْعِنَبُ، فَقَدْ خَصَّهُمَا نَصٌّ آخَرُ، وَهُوَ نَهْيُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَنْ بَيْعِ ثَمَرِ النَّخْلِ حَتَّى تَزْهَى أَوْ تَحْمَرَّ، وَعَنْ بَيْعِ الْعِنَبِ حَتَّى يَسْوَدَّ أَوْ يَبْدُوَ صَلَاحُهُ بِدُخُولِهِ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ - وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يَسْوَدُّ، فَلَا يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مِنْ ثِمَارِ النَّخْلِ، وَالْعِنَبِ؛ إلَّا حَتَّى يَصِيرَ الْمَبِيعُ مِنْهُمَا فِي حَالِ الْإِزْهَاءِ أَوْ ظُهُورِ الطِّيبِ فِيهِ نَفْسِهِ بِالسَّوَادِ، أَوْ بِغَيْرِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة بَيْعُ فِرَاخِ الْحَمَامِ فِي الْبُرْجِ مُدَّةً مُسَمَّاةً كَسَنَةٍ]
١٤٧٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا يَحِلُّ بَيْعُ فِرَاخِ الْحَمَامِ فِي الْبُرْجِ مُدَّةً مُسَمَّاةً كَسَنَةٍ، أَوْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ بَيْعُ مَا لَمْ يُخْلَقْ، وَبَيْعُ غَرَرٍ لَا يُدْرَى كَمْ يَكُونُ، وَلَا أَيُّ صِفَةٍ يَكُونُ فَهُوَ أَكْلُ مَالٍ بِالْبَاطِلِ، وَإِنَّمَا الْوَاجِبُ فِي الْحَلَالِ فِي ذَلِكَ بَيْعُ مَا ظَهَرَ مِنْهَا بَعْدَ أَنْ يَقِفَ الْبَائِعُ أَوْ وَكِيلُهُ، وَالْمُشْتَرِي أَوْ وَكِيلُهُ عَلَيْهَا، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفَا أَوْ أَحَدُهُمَا عَدَدَهَا أَوْ يَرَهَا أَحَدُ مَنْ ذَكَرْنَا فَيَقَعُ الْبَيْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى صِفَةِ الَّذِي رَآهَا مِنْهُمَا.
فَإِنْ تَدَاعَيَا بَعْدَ ذَلِكَ فِي فِرَاخٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي: كَانَتْ مَوْجُودَةً حِينَ الْبَيْعِ فَدَخَلَتْ فِيهِ، وَقَالَ الْآخَرُ: لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً حِينَئِذٍ، وَلَا بَيِّنَةَ: حَلَفَا مَعًا، وَقُضِيَ بِهَا بَيْنَهُمَا، لِأَنَّهَا فِي أَيْدِيهِمَا مَعًا، هِيَ بِيَدِ الْمُشْتَرِي بِحَقِّ الشِّرَاءِ لِلْفِرَاخِ الَّتِي فِي الْبُرْجِ، وَهِيَ بِيَدِ صَاحِبِ الْأَصْلِ بِحَقِّ مِلْكِهِ لِلْأَصْلِ مِنْ الْأُمَّهَاتِ وَالْمَكَانِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ، إلَّا إنْ كَانَ الْمُشْتَرِي قَبَضَ كُلَّ الْفِرَاخِ وَعَرَّفَ ذَلِكَ ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ هُنَالِكَ فَهُوَ لِلْبَائِعِ وَحْدَهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ.
[مَسْأَلَة بَيْعُ الصِّغَارِ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ حِينَ تُولَدُ]
١٤٧٣ - مَسْأَلَةٌ: وَجَائِزٌ بَيْعُ الصِّغَارِ مِنْ جَمِيعِ الْحَيَوَانِ حِينَ تُولَدُ، وَيُجْبَرُ كِلَاهُمَا عَلَى تَرْكِهَا مَعَ الْأُمَّهَاتِ إلَى أَنْ يَعِيشَ دُونَهَا عَيْشًا لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ يَجُوزُ بَيْعُ الْبَيْضِ الْمَحْضُونَةِ، وَيُجْبَرُ كِلَاهُمَا عَلَى تَرْكِهَا إلَى أَنْ تَخْرُجَ وَتَسْتَغْنِيَ عَنْ الْأُمَّهَاتِ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ -: قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] .
وَأَمَّا تَرْكُ كُلِّ ذَلِكَ إلَى أَنْ يَسْتَغْنِيَ عَنْ الْأُمَّهَاتِ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: ٢] وَالنَّهْيُ عَنْ إضَاعَةِ الْمَالِ وَالْوَعِيدِ الشَّدِيدِ عَلَى مَنْ عَذَّبَ الْحَيَوَانَ وَأَصْبَرَهَا، وَإِزَالَةُ الصِّغَارِ عَنْ الْأُمَّهَاتِ قَبْلَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute