شَيْءَ عَلَيْهَا، لِأَنَّهَا لَمْ تَعْمَدْ الْحَرَامَ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهَا فِي الْغَلَطِ عَلَى كُلِّ حَالٍ - فَإِنْ كَانَتْ عَالِمَةً بِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَحِلَّ، وَلَمْ تَغْلَطْ فِي الْعِدَّةِ: فَهِيَ زَانِيَةٌ وَعَلَيْهَا الرَّجْمُ - وَقَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَضْرِبَهَا عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - تَعْزِيرًا لِتَرْكِهَا التَّعَلُّمَ مِنْ دِينِهَا مَا يَلْزَمُهَا؛ فَهُوَ مَكَانُ التَّعْزِيرِ.
وَأَمَّا مَنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ فِي الْعَمْدِ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ إنْ طَرَدَ قَوْلَهُ لَزِمَهُ الْمَصِيرُ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ فِي سُقُوطِ الْحَدِّ عَمَّنْ تَزَوَّجَ أُمَّهُ - وَهُوَ يَدْرِي أَنَّهَا أُمُّهُ وَأَنَّهَا حَرَامٌ - وَعَمَّنْ تَزَوَّجَ ابْنَتَهُ كَذَلِكَ، أَوْ أُخْتَهُ كَذَلِكَ، وَتَزَوَّجَ نِسَاءَ النَّاسِ - وَهُنَّ تَحْتَ أَزْوَاجِهِنَّ عَمْدًا دُونَ طَلَاقٍ، وَلَا فَسْخٍ - وَهَذَا هُوَ الْإِطْلَاقُ عَلَى الزِّنَى، بَلْ هُوَ الِاسْتِخْفَافُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، وَأَمَّا مَنْ أَسْقَطَ الْحَدَّ فِي بَعْضِ ذَلِكَ وَأَوْجَبَهُ فِي بَعْضٍ، فَتَنَاقُضٌ.
فَإِنْ تَعَلَّقُوا بِعُمَرَ فَقَدْ قُلْنَا: إنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَثَرِ عَنْ عُمَرَ أَنَّهَا كَانَتْ عَالِمَةً بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ وَلَا بِالتَّحْرِيمِ - فَلَا مُتَعَلَّقَ لَهُمْ بِذَلِكَ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَالْقَوْلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَنَّ كُلَّ عَقْدٍ فَاسِدٍ لَا يَحِلُّ، فَالْفَرْجُ بِهِ لَا يَحِلُّ، وَلَا يَصِحُّ بِهِ زَوَاجٌ، فَهُمَا أَجْنَبِيَّانِ كَمَا كَانَا، وَالْوَطْءُ فِيهِ مِنْ الْعَالِمِ بِالتَّحْرِيمِ زِنًى مُجَرَّدٌ مَحْضٌ، وَفِيهِ الْحَدُّ كَامِلًا مِنْ: الرَّجْمِ أَوْ الْجَلْدِ، أَوْ التَّعْزِيرِ - وَلَا يَلْحَقُ فِيهِ وَلَدٌ أَصْلًا وَلَا مَهْرَ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ - وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا حَدَّ، وَلَا يَقَعُ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ إلَّا لِحَاقَ الْوَلَدِ فَقَطْ، لِلْإِجْمَاعِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا مَنْ طَلَّقَ ثَلَاثًا ثُمَّ وَطِئَ فَإِنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَحِلُّ، فَعَلَيْهِ حَدُّ الزِّنَى كَامِلًا وَعَلَيْهَا كَذَلِكَ، لِأَنَّهَا أَجْنَبِيَّةٌ، فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْحَقُ الْوَلَدُ هَاهُنَا، لِأَنَّهُ وَطِئَ فِيمَا لَا عَقْدَ لَهُ مَعَهَا - لَا صَحِيحًا وَلَا فَاسِدًا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ
[مَسْأَلَة مَنْ تَزَوَّجَتْ عَبْدَهَا]
٢٢١٦ - مَسْأَلَةٌ: مَنْ تَزَوَّجَتْ عَبْدَهَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نَبَاتٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ كَتَبَ فِي امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ عَبْدَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute