للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِ؛ لِكُلِّ نَفْسٍ كَفَّارَةٌ، وَيَضْمَنُ فِي كُلِّ ذَلِكَ مَا أَتْلَفَ مِنْ الْمَالِ وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِيمَنْ أَلْقَى نَارًا أَوْ هَدَمَ بِنَاءً وَلَا فَرْقَ.

وَإِنْ عَمَدَ إحْرَاقَ قَوْمٍ أَوْ قَتْلَهُمْ بِالْهَدْمِ فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ لَمْ يَعْمِدْ ذَلِكَ فَهُوَ قَاتِلُ خَطَأٍ.

وَلَوْ سَاقَ مَاءً فَمَرَّ عَلَى حَائِطٍ فَهَدَمَ الْمَاءُ الْحَائِطَ فَقَتَلَ: فَكَمَا قُلْنَا أَيْضًا سَوَاءً سَوَاءً وَلَا فَرْقَ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَنْ ذَكَرْنَا مُبَاشِرٌ لِإِتْلَافِ مَا تَلِفَ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدٌ بِذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ الْجَانِي، أَوْ تَلِفَ بِهِ مَالٌ بَعْدَ مَوْتِهِ، فَلَا ضَمَانَ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ حَدَثَتْ بَعْدَهُ، وَلَا جِنَايَةَ عَلَى مَيِّتٍ.

وَلَوْ أَنَّ إنْسَانًا رَمَى حَجَرًا أَوْ سَهْمًا ثُمَّ مَاتَ إثْرَ خُرُوجِ السَّهْمِ أَوْ الْحَجَرِ فَأَصَابَ الْحَجَرُ أَوْ السَّهْمُ إنْسَانًا - عَمَدَهُ أَوْ لَمْ يَعْمِدْهُ - فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَلَا عَلَى عَاقِلَتِهِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَمْ تَكُنْ إلَّا وَهُوَ مِمَّنْ لَا فِعْلَ لَهُ، بِخِلَافِ مَا خَرَجَ خَطَأً ثُمَّ مَاتَ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ قَدْ وَقَعَتْ وَهُوَ حَيٌّ، فَلَوْ جُنَّ إثْرَ رَمْيِ السَّهْمِ أَوْ الْحَجَرِ فَكَمَوْتِهِ وَلَا فَرْقَ، وَكَذَلِكَ لَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا النَّائِمُ فَبِخِلَافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، وَالْمَجْنُونِ، لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ، وَهُمَا غَيْرُ مُخَاطَبِينَ، إلَّا أَنَّهُ لَا عَمْدَ لَهُ، فَلَوْ أَنَّ نَائِمًا انْقَلَبَ فِي نَوْمِهِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَالدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ، وَالْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ أَوْقَدَ نَارًا لِيَصْطَلِيَ فَاشْتَعَلَتْ تِلْكَ النَّارُ فَأَتْلَفَتْ أَمْتِعَةً وَنَاسًا]

٢١٢١ - مَسْأَلَةٌ: قَالَ عَلِيٌّ: وَأَمَّا مَنْ أَوْقَدَ نَارًا لِيَصْطَلِيَ، أَوْ لِيَطْبُخَ شَيْئًا، أَوْ أَوْقَدَ سِرَاجًا ثُمَّ نَامَ، فَاشْتَعَلَتْ تِلْكَ النَّارُ فَأَتْلَفَتْ أَمْتِعَةً وَنَاسًا، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ أَصْلًا.

وَقَدْ جَاءَتْ فِي هَذَا آثَارٌ: كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا وَكِيعٌ عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: سَأَلْت الْحَكَمَ بْنَ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادَ بْنَ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ رَجُلٍ رَمَى نَارًا فِي دَارِ قَوْمٍ فَاحْتَرَقُوا، قَالَا جَمِيعًا: لَيْسَ عَلَيْهِ قَوَدٌ وَلَا يُقْتَلُ.

وَبِهِ - إلَى وَكِيعٍ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حُصَيْنٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيِّ قَالَ: أَحْرَقَ رَجُلٌ تِبْنًا فِي فَرَاجٍ لَهُ فَخَرَجَتْ شَرَرَةٌ مِنْ نَارٍ فَأَحْرَقَتْ شَيْئًا لِجَارِهِ؟ فَكَتَبْت فِيهِ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>