للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّكَاحِ بِأَيْدِيهِمَا كَحَظِّ الزَّوْجِ فِي كَوْنِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ بِيَدِهِ سَوَاءً سَوَاءً، وَقَدْ يَسْقُطُ حُكْمُ الْأَبِ فِي الْبِكْرِ بِأَنْ يَكُونَ كَافِرًا - وَهِيَ مُؤْمِنَةٌ أَوْ هُوَ مُؤْمِنٌ وَهِيَ كَافِرَةٌ - أَوْ بِأَنْ يَكُونَ مَجْنُونًا - وَيَسْقُطُ أَيْضًا حُكْمُ السَّيِّدِ فِي أَمَتِهِ بِأَنْ يَكُونَ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: سَائِرُ الْأَوْلِيَاءِ الَّذِينَ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِمْ، لَكِنْ إنْ أَبَوْا أُخْرِجَ الْأَمْرُ عَنْ أَيْدِيهِمْ وَعَقَدَ السُّلْطَانُ نِكَاحَهَا، فَهَؤُلَاءِ حَظُّ الزَّوْجِ فِي كَوْنِ عُقْدَةِ النِّكَاحِ بِيَدِهِ أَكْمَلُ مِنْ حَظِّ الْأَوْلِيَاءِ الْمَذْكُورِينَ.

فَوَجَدْنَا أَمَدَ الْأَوْلِيَاءِ مُضْطَرِبًا كَمَا تَرَى، ثُمَّ إنَّمَا هُوَ الْعَقْدُ فَقَطْ، ثُمَّ لَا شَيْءَ بِأَيْدِيهِمْ جُمْلَةً مِنْ عُقْدَةِ النِّكَاحِ، بَلْ هِيَ إلَى الزَّوْجِ إنْ شَاءَ أَمْضَاهَا وَإِنْ شَاءَ حَلَّهَا بِالطَّلَاقِ.

وَوَجَدْنَا أَمَرَ الزَّوْجِ ثَابِتًا فِي أَنَّ عُقْدَةَ كُلِّ نِكَاحٍ بِيَدِهِ، وَلَا تَصِحُّ إلَّا بِإِرَادَتِهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَلَا تَحِلُّ إلَّا بِإِرَادَتِهِ، فَكَانَ أَحَقَّ بِإِطْلَاقِ هَذِهِ الصِّفَةِ عَلَيْهِ بِلَا شَكٍّ.

ثُمَّ الْبُرْهَانُ الْقَاطِعُ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلا عَلَيْهَا} [الأنعام: ١٦٤] .

وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» فَكَانَ عَفْوُ الْوَلِيِّ عَنْ مَالِ وَلِيِّهِ كَسْبًا عَلَى غَيْرِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَحُكْمًا فِي مَالِ غَيْرِهِ فَهُوَ حَرَامٌ - فَصَحَّ أَنَّهُ الزَّوْجُ الَّذِي يَفْعَلُ فِي مَالِ نَفْسِهِ مَا أَحَبَّ مِنْ عَفْوٍ أَوْ يَقْضِي بِحَقِّهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ نِكَاحُ الشِّغَارِ]

١٨٥٦ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ الشِّغَارِ: وَهُوَ أَنْ يَتَزَوَّجَ هَذَا وَلِيَّةَ هَذَا عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الْآخَرُ وَلِيَّتَهُ أَيْضًا، سَوَاءٌ ذَكَرَا فِي كُلِّ ذَلِكَ صَدَاقًا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا أَوْ لِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، أَوْ لَمْ يَذْكُرَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ صَدَاقًا، كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ يُفْسَخُ أَبَدًا، وَلَا نَفَقَةَ فِيهِ؛ وَلَا مِيرَاثَ، وَلَا صَدَاقَ وَلَا شَيْءَ مِنْ أَحْكَامِ الزَّوْجِيَّةِ، وَلَا عِدَّةَ.

فَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ كَامِلًا، وَلَا يَلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا فَلَا حَدَّ عَلَيْهِ، وَالْوَلَدُ لَهُ لَاحِقٌ، وَإِنْ كَانَتْ هِيَ عَالِمَةً بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فَعَلَيْهَا الْحَدُّ، وَإِنْ كَانَتْ جَاهِلَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاخْتَلَفَ النَّاسُ فِي هَذَا -:

<<  <  ج: ص:  >  >>