فَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ هَذَا النِّكَاحُ وَيُفْسَخُ دَخَلَ بِهَا أَوْ لَمْ يَدْخُلْ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ: أُزَوِّجُك ابْنَتِي عَلَى أَنْ تُزَوِّجَنِي ابْنَتَك بِمِائَةِ دِينَارٍ، فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُفْسَخُ، هَذَا إنْ دَخَلَ بِهَا.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُفْسَخُ هَذَا النِّكَاحُ إذَا لَمْ يُسَمَّ فِي ذَلِكَ مَهْرٌ، فَإِنْ سَمَّيَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرًا، أَوْ لِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى ثَبَتَ النِّكَاحَانِ مَعًا، وَبَطَلَ الْمَهْرُ الَّذِي سَمَّيَا، وَكَانَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا مَهْرُ مِثْلِهَا إنْ مَاتَ، أَوْ وَطِئَهَا، أَوْ نِصْفُ مَهْرِ مِثْلِهَا إنْ طَلَّقَ قَبْلَ الدُّخُولِ.
وَقَالَ اللَّيْثُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: هُوَ نِكَاحٌ صَحِيحٌ ذَكَرَا لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقًا، أَوْ لِإِحْدَاهُمَا دُونَ الْأُخْرَى، أَوْ لَمْ يَذْكُرَا صَدَاقًا أَصْلًا، أَوْ اشْتِرَاطًا وَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَا صَدَاقَ فِي ذَلِكَ، قَالُوا: وَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ فِي هَذَا مَهْرُ مِثْلِهَا.
وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِهِمْ: أَنَّهُمَا إنْ سَمَّيَا صَدَاقًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا إلَّا الْمُسَمَّى.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَاَلَّذِي قُلْنَا بِهِ هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا، فَوَجَبَ النَّظَرُ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَوَجَدْنَا فِي ذَلِكَ -: مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا ابْنُ نُمَيْرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ الشِّغَارِ، وَالشِّغَارُ: أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لِلرَّجُلِ: زَوِّجْنِي ابْنَتَكَ وَأُزَوِّجُكَ ابْنَتِي، أَوْ زَوِّجْنِي أُخْتَكَ وَأُزَوِّجُكَ أُخْتِي»
وَقَدْ رُوِّينَاهُ أَيْضًا مُسْنَدًا صَحِيحًا مِنْ طَرِيقِ جَابِرٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَنَسٍ، وَغَيْرِهِمْ، فَكَانَ هَذَا تَحْرِيمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَبَطَلَ قَوْلُ مَنْ سِوَاهُ.
فَنَظَرْنَا فِي أَقْوَالِ مَنْ خَالَفَ -:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute