[كِتَابُ الصُّلْحِ] [مَسْأَلَةٌ أَنْوَاع الصُّلْح]
ِ ١٢٧٠ - مَسْأَلَةٌ:
لَا يَحِلُّ الصُّلْحُ أَلْبَتَّةَ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَلَا عَلَى السُّكُوتِ الَّذِي لَا إنْكَارَ مَعَهُ، وَلَا إقْرَارَ، وَلَا عَلَى إسْقَاطِ يَمِينٍ قَدْ وَجَبَتْ، وَلَا عَلَى أَنْ يُصَالِحَ مُقِرٌّ عَلَى غَيْرِهِ وَذَلِكَ الَّذِي صُولِحَ عَنْهُ مُنْكِرٌ، وَإِنَّمَا يَجُوزُ الصُّلْحُ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالْحَقِّ فَقَطْ - وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ أَبِي لَيْلَى إلَّا أَنَّهُ جَوَّزَ الصُّلْحَ عَلَى السُّكُوتِ الَّذِي لَا إقْرَارَ مَعَهُ وَلَا إنْكَارَ.
وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ إلَّا أَنَّهُ جَوَّزَ الصُّلْحَ عَلَى إسْقَاطِ الْيَمِينِ، وَأَنْ يُقِرَّ إنْسَانٌ عَنْ غَيْرِهِ وَيُصَالِحَ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ - وَهَذَا نَقْضٌ لِأَصْلِهِ - وَهُوَ أَيْضًا قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، إلَّا أَنَّهُ جَوَّزَ الصُّلْحَ عَلَى إسْقَاطِ الْيَمِينِ - وَهَذَا نَقْضٌ لِأَصْلِهِ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى رَجُلٍ حَقٌّ فَصَالَحَهُ عَنْهُ ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ فَخَاصَمَهُ إلَى شُرَيْحٍ، فَقَالَ لَهُ شُرَيْحٌ: شَاهِدَانِ ذَوَا عَدْلٍ: أَنَّهُ تَرَكَهُ وَلَوْ شَاءَ أَدَّيْتَهُ إلَيْهِ.
فَهَذَا شُرَيْحٌ لَمْ يُجِزْ الصُّلْحَ إلَّا مَعَ قُدْرَةِ صَاحِبِ الْحَقِّ عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ بِأَدَاءِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ إلَيْهِ حَقَّهُ، وَفَسْخِهِ إنْ يَكُنْ كَذَلِكَ - وَهُوَ قَوْلُنَا.
وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نا ابْنُ أَبِي زَائِدَةَ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ شُرَيْحٌ قَالَ: أَيُّمَا امْرَأَةٍ صُولِحَتْ عَنْ ثَمَنِهَا وَلَمْ يُبَيَّنْ لَهَا مَا تَرَكَ زَوْجُهَا، فَتِلْكَ الرِّيبَةُ كُلُّهَا.
وَهَذَا أَيْضًا بَيَانُ أَنَّهُ لَمْ يَجُزْ الصُّلْحُ إلَّا عَلَى إقْرَارٍ بِمَعْلُومٍ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ: الصُّلْحُ عَلَى الْإِنْكَارِ، وَعَلَى السُّكُوتِ الَّذِي لَا إقْرَارَ مَعَهُ وَلَا إنْكَارَ جَائِزٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute