قُلْنَا: هَذَا بَاطِلٌ وَهُوَ أَيْضًا شَرْطٌ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ لَهُ أَنْ يَهْدِمَ شَيْئًا مِنْ سَقْفِهِ، وَلَا مِنْ رُءُوسِ جُدْرَانِهِ، وَهَذَا شَرْطٌ لَمْ يَأْتِ النَّصُّ بِإِبَاحَتِهِ فَهُوَ بَاطِلٌ حَرَامٌ مَفْسُوخٌ أَبَدًا - وَقَدْ رُوِّينَا هَذَا الْقَوْلَ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي " كِتَابِ الْقِسْمَةِ " وَأَنَّهُ لَا يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَمْلِكَ أَحَدٌ شَيْئًا وَيَمْلِكُ غَيْرُهُ الْعُلُوَّ الَّذِي عَلَيْهِ - وَمَنْ بَاعَ سَقْفَهُ فَقَطْ فَحَلَالٌ، وَيُؤْخَذُ الْمُشْتَرِي بِإِزَالَةِ مَا اشْتَرَى عَنْ مَكَان مِلْكُهُ لِغَيْرِهِ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة بَيْعُ مَنْ لَا يَعْقِلُ لِسُكْرٍ أَوْ جُنُونٍ]
١٥٢٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ بَيْعُ مَنْ لَا يَعْقِلُ لِسُكْرٍ، أَوْ جُنُونٍ، وَلَا يَلْزَمُهُمَا؛ لِقَوْلِ اللَّهِ - تَعَالَى -: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ} [النساء: ٤٣] .
فَشَهِدَ - عَزّ وَجَلَّ - بِأَنَّ السَّكْرَانَ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ، وَالْبَيْعُ قَوْلٌ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الْقَوْلِ: مِمَّنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الْقَوْلِ مِمَّنْ بِهِ آفَةٌ مِنْ الْخَرَسِ، أَوْ بِفَمِهِ آفَةٌ، فَمَنْ لَا يَدْرِي مَا يَقُولُ فَلَمْ يَبِعْ شَيْئًا وَلَا ابْتَاعَ شَيْئًا؟ وَأَجَازَهُ قَوْمٌ وَلَا نَعْلَمُ لَهُمْ حُجَّةً أَصْلًا أَكْثَرَ مِنْ أَنْ قَالُوا: هُوَ عَصَى اللَّهَ - تَعَالَى وَعَزَّ وَجَلَّ - وَأَدْخَلَ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ؟ فَقُلْنَا نَعَمْ، وَحَقُّهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَدُّ فِي الدُّنْيَا، وَالنَّارُ فِي الْآخِرَةِ إلَّا أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ - تَعَالَى - لَهُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُوجِبِ إلْزَامِهِ حُكْمًا زَائِدًا لَمْ يُلْزِمْهُ اللَّهُ - تَعَالَى - إيَّاهُ، وَهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي سَكْرَانَ عَرْبَدَ فَوَقَعَ فَانْكَسَرَتْ سَاقُهُ، فَإِنَّ لَهُ مِنْ الرُّخْصَةِ فِي الصَّلَاةِ قَاعِدًا كَاَلَّذِي أَصَابَهُ ذَلِكَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ - تَعَالَى -، وَلَا فَرْقَ.
وَكَذَلِكَ التَّيَمُّمُ إذَا جُرِحَ جِرَاحَاتٍ تَمْنَعُهُ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ - وَهَذَا تَنَاقُضٌ سَمِجٌ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
وَيَقُولُونَ فِيمَنْ تَنَاوَلَ الْبَلَاذِرَ عَمْدًا فَذَهَبَ عَقْلُهُ: أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ الَّذِي لَمْ يُدْخِلْ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ فِي الْبَيْعِ، وَالطَّلَاقِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ، وَأَمَّا الْمَجْنُونُ فَلَا يَخْتَلِفُونَ مَعَنَا فِي ذَلِكَ.
فَإِنْ قَالُوا: وَمَنْ يَدْرِي أَنَّهُ سَكْرَانُ؟ قُلْنَا: وَمَنْ يَدْرِي أَنَّهُ مَجْنُونٌ؟ وَلَعَلَّهُ قَدْ تَحَامَقَ، وَإِنَّمَا الْقَوْلُ فِيمَنْ عُلِمَ كِلَا الْأَمْرَيْنِ مِنْهُ بِالْمُشَاهَدَةِ - وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ فَذَكَرَ الْمُبْتَلَى حَتَّى يُفِيقَ وَالصَّبِيَّ حَتَّى يَبْلُغَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute