للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذَا فِعْلُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَأَبِي حَثْمَةَ، وَسَهْلٍ، ثَلَاثَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ، بِحَضْرَةِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، لَا مُخَالِفُ لَهُمْ يُعْرَفُ مِنْهُمْ، وَهُمْ يُشَنِّعُونَ بِمِثْلِ ذَلِكَ إذَا وَافَقَهُمْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٌ: يُزَكِّي مَا بَقِيَ بَعْدَمَا يَأْكُلُ - وَهَذَا تَخْلِيطٌ وَمُخَالَفَةٌ لِلنُّصُوصِ كُلِّهَا.

[مَسْأَلَةٌ الزَّكَاة فِي زَرْع يُسْقَى بَعْضَ الْعَامِ بِسَاقِيَةٍ وَبَعْضَ الْعَامِ بِنَضْحٍ]

٦٦٠ - مَسْأَلَةٌ:

وَإِنْ كَانَ زَرْعٌ، أَوْ نَخْلٌ يُسْقَى بَعْضَ الْعَامِ بِعَيْنٍ، أَوْ سَاقِيَةٍ مِنْ نَهْرٍ أَوْ بِمَاءِ السَّمَاءِ، وَبَعْضَ الْعَامِ بِنَضْحٍ، أَوْ سَانِيَةٍ، أَوْ خَطَّارَةٍ، أَوْ دَلْوٍ، فَإِنْ كَانَ النَّضْحُ زَادَ فِي ذَلِكَ زِيَادَةً ظَاهِرَةً وَأَصْلَحَهُ: فَزَكَاتُهُ نِصْفُ الْعُشْرِ فَقَطْ؛ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَزِدْ فِيهِ شَيْئًا وَلَا أَصْلَحَ فَزَكَاتُهُ الْعُشْرُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابُهُ: يُزَكِّي عَلَى الْأَغْلَبِ مِنْ ذَلِكَ؛ وَهُوَ قَوْلٌ رُوِّينَاهُ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ -: حَدَّثَنَا حُمَامٌ ثنا أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَاجِيَّ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُونُسَ ثنا بَقِيٌّ ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ قُلْت لِعَطَاءٍ: فِي الْمَالِ يَكُونُ عَلَى الْعَيْنِ أَوْ بَعْلًا عَامَّةَ الزَّمَانِ، ثُمَّ يَحْتَاجُ إلَى الْبِئْرِ يُسْقَى بِهَا؟ فَقَالَ: إنْ كَانَ يُسْقَى بِالْعَيْنِ أَوْ الْبَعْلِ أَكْثَرُ مِمَّا يُسْقَى بِالدَّلْوِ: فَفِيهِ الْعُشْرُ، وَإِنْ كَانَ يُسْقَى بِالدَّلْوِ أَكْثَرُ مِمَّا يُسْقَى بِالْبَعْلِ: فَفِيهِ نِصْفُ الْعُشْرِ قَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ: سَمِعْت جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، وَعُبَيْدَ بْنَ عُمَيْرٍ يَقُولَانِ هَذَا الْقَوْلَ.

وَقَالَ مَالِكٌ مَرَّةً: إنَّ زَكَاتَهُ بِاَلَّذِي غَذَّاهُ بِهِ وَتَمَّ بِهِ، لَا أُبَالِي بِأَيِّ ذَلِكَ كَانَ أَكْثَرَ سَقْيِهِ فَزَكَاتُهُ عَلَيْهِ - وَقَالَ مَرَّةً أُخْرَى: يُعْطِي نِصْفَ زَكَاتِهِ الْعُشْرُ وَنِصْفُهَا نِصْفُ الْعُشْرِ، وَهَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: قَدْ حَكَمَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا سُقِيَ بِالنَّضْحِ بِنِصْفِ الْعُشْرِ، وَبِلَا شَكٍّ أَنَّ السَّمَاءَ تَسْقِيه وَيُصْلِحُهُ مَاءُ السَّمَاءِ؛ بَلْ قَدْ شَاهَدْنَا جُمْهُورَ السِّقَاءِ بِالْعَيْنِ وَالنَّضْحِ إنْ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ مَاءٌ السَّمَاءِ تَغَيَّرَ وَلَا بُدَّ، فَلَمْ يَجْعَلْ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لِذَلِكَ حُكْمًا؛ فَصَحَّ أَنَّ النَّضْحَ إذَا كَانَ مُصْلِحًا لِلزَّرْعِ أَوْ النَّخْلِ فَزَكَاتُهُ نِصْفُ الْعُشْرِ فَقَطْ: وَهَذَا مِمَّا تَرَكَ الشَّافِعِيُّونَ فِيهِ صَاحِبًا لَا يُعْرَفُ لَهُ مُخَالِفٌ مِنْهُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>