للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِثْلُ هَذَا لَا تَقُومُ بِهِ حُجَّةٌ، وَلَا يَشُكُّ أَحَدٌ فِي أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ لَمْ يَصِدْ الْحِمَارَ إلَّا لِنَفْسِهِ وَأَصْحَابِهِ وَهُمْ مُحْرِمُونَ فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَكْلِهِ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ.

وَقَوْلٌ آخَرُ: وَهُوَ أَنَّهُ حَلَالٌ لِلْمُحْرِمِ مَا صَادَهُ الْحَلَالُ مَا لَمْ يُشِرْ لَهُ إلَيْهِ أَوْ يَأْمُرْهُ بِصَيْدِهِ وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ أَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ قَالَ: سَمِعْتُ «عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِي قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُمْ كَانُوا فِي مَسِيرٍ لَهُمْ بَعْضُهُمْ مُحْرِمٌ وَبَعْضُهُمْ لَيْسَ بِمُحْرِمٍ فَرَأَيْتُ حِمَارَ وَحْشٍ فَرَكِبْتُ فَرَسِي وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَاسْتَعَنْتُهُمْ فَأَبَوْا أَنْ يُعِينُونِي فَاخْتَلَسْتُ سَوْطًا مِنْ بَعْضِهِمْ وَشَدَدْتُ عَلَى الْحِمَارِ فَأَصَبْتُهُ فَأَكَلُوا مِنْهُ فَأَشْفَقُوا مِنْهُ، فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -؟ فَقَالَ: هَلْ أَشَرْتُمْ أَوْ أَعَنْتُمْ؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَكُلُوهُ» .

وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ مَوْهَبٍ عَنْ ابْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ بِمِثْلِهِ إلَّا أَنَّهُ قَالَ: هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ؟ قَالُوا: لَا.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا لَا حُجَّةَ لَهُمْ فِيهِ لِأَنَّنَا لَا نَدْرِي مَاذَا كَانَ يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَوْ قَالَ لَهُ: نَعَمْ؟ إلَّا أَنَّ الْيَقِينَ عِنْدَنَا أَنَّ كُلَّ مَا لَمْ يَقُلْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَلَا حَكَمَ بِهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ لَازِمٍ وَلَا تُؤْخَذُ الدِّيَانَةُ بِالتَّكَهُّنِ، وَنَحْنُ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ لَزِمَ بِإِشَارَتِهِمْ إلَيْهِ، أَوْ أَمْرِهِمْ إيَّاهُ، أَوْ عَوْنِهِمْ لَهُ حُكْمُ تَحْرِيمٍ لَبَيَّنَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، فَإِذْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا حُكْمَ لِذَلِكَ.

وَقَدْ رُوِّينَا عَنْ عَطَاءٍ فِي مُحْرِمٍ كَانَ بِمَكَّةَ فَاشْتَرَى حَجَلَةً فَأَمَرَ مُحِلًّا بِذَبْحِهَا أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ أَمَرَ مُحْرِمٌ حَلَالًا بِالتَّصَيُّدِ]

٨٩٣ - مَسْأَلَةٌ:

فَلَوْ أَمَرَ مُحْرِمٌ حَلَالًا بِالتَّصَيُّدِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يُطِيعُهُ وَيَأْتَمِرُ لَهُ فَالْمُحْرِمُ هُوَ الْقَاتِلُ لِلصَّيْدِ فَهُوَ حَرَامٌ، وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَأْتَمِرُ لَهُ وَلَا يُطِيعُهُ فَلَيْسَ الْمُحْرِمُ هَاهُنَا قَاتِلًا، بَلْ أَمَرَ بِمُبَاحٍ حَلَالٍ لِلْمَأْمُورِ.

وَلَوْ اشْتَرَكَ حَلَالٌ وَمُحْرِمٌ فِي قَتْلِ صَيْدٍ كَانَ مَيْتَةً لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ تَصِحَّ فِيهِ الذَّكَاةُ خَالِصَةً، وَعَلَى الْمُحْرِمِ جَزَاؤُهُ كُلُّهُ لِأَنَّهُ قَاتِلٌ وَلَا جَزَاءَ عَلَى الْمُحِلِّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

[مَسْأَلَةٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُقَبِّلَ امْرَأَتَهُ وَيُبَاشِرَهَا مَا لَمْ يُولِجْ]

٨٩٤ - مَسْأَلَةٌ:

وَمُبَاحٌ لِلْمُحْرِمِ أَنْ يُقَبِّلَ امْرَأَتَهُ وَيُبَاشِرَهَا مَا لَمْ يُولِجْ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يَنْهَ إلَّا عَنْ الرَّفَثِ، وَالرَّفَثُ: الْجِمَاعُ، فَقَطْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>