للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بَابٌ مِنْ الْكَلَامِ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ وَهُوَ عَمْدُ الْخَطَأِ]

ِ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ وَلَمْ نُوَضِّحْ فَسَادَ الْأَخْبَارِ الَّتِي مَوَّهُوا بِهَا، وَتُنَاقِضُ الطَّوَائِفُ الثَّلَاثُ الْمَالِكِيِّينَ، وَالْحَنَفِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ فِيهَا؛ فَوَجَبَ أَنْ نَسْتَدْرِكَ ذَلِكَ، كَمَا فَعَلْنَا فِي سَائِرِ الْمَسَائِلِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: شَغَبَ الْحَنَفِيُّونَ، وَالشَّافِعِيُّونَ، الْقَائِلُونَ بِعَمْدِ الْخَطَأِ -: بِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ عَنْ أَبِي عَازِبٍ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كُلُّ شَيْءٍ خَطَأٌ إلَّا السَّيْفَ، وَفِي كُلِّ خَطَأٍ أَرْشٌ» .

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ كَذَّابٌ، وَأَوَّلُ مَنْ شَهِدَ عَلَيْهِ بِالْكَذِبِ أَبُو حَنِيفَةَ، ثُمَّ لَمْ يُبَالِ بِذَلِكَ أَصْحَابُهُ، فَاحْتَجُّوا بِرِوَايَتِهِ حَيْثُ اشْتَهَوْا، ثُمَّ الْعَجَبُ كُلُّهُ أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ، وَالشَّافِعِيِّينَ: مُخَالِفُونَ لِهَذَا الْخَبَرِ، عَاصُونَ لَهُ.

فَالشَّافِعِيُّونَ: يَرَوْنَ الْقَوَدَ فِي الْعَمْدِ بِكُلِّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يُمَاتَ مِنْ مِثْلِهِ، وَالْحَنَفِيُّونَ: يَرَوْنَ الْقَوَدَ عَلَى مَنْ ذَبَحَ بِلِيطَةِ الْقَصَبِ، وَعَلَى مَنْ أَحْرَقَ بِالنَّارِ، وَعَلَى مَنْ خَنَقَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَصَاعِدًا - وَكُلُّ هَذَا لَيْسَ فِيهِ قَتْلٌ بِالسَّيْفِ، فَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَحْتَجُّ بِمَا هُوَ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهُ.

وَأَمَّا الْمَالِكِيُّونَ: فَإِنَّهُمْ احْتَجُّوا بِخِلَافِ السُّنَّةِ الثَّابِتَةِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاسِ جَالِسًا آخَرَ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِأَصْحَابِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِرِوَايَةِ جَابِرٍ الْجُعْفِيِّ الْكَذَّابِ الْمَذْكُورِ الْمُرْسَلَةِ أَيْضًا «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا» وَرَأَوْهُ حِينَئِذٍ حُجَّةً لَازِمَةً، تُرَدُّ بِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>