وَوَجَبَ أَنْ نَنْظُرَ مَا الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ؟ فَوَجَدْنَا اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] .
وَقَالَ تَعَالَى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: ٧٨] .
وَقَالَ تَعَالَى {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] .
وَحَكَمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالدِّيَةِ، وَبِالْغُرَّةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَوَجَبَ أَنْ يَحْمِلُوا مِنْ ذَلِكَ مَا يُطِيقُونَ، وَمَا لَا حَرَجَ عَلَيْهِمْ فِيهِ، وَمَا لَا يَبْقَوْنَ بَعْدَهُ فِي عُسْرٍ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ - أَعْنِي الْعُسْرَ بِنَا - قَطُّ، فَيُؤْخَذُ مِنْ مَالِ الْمَرْءِ مَا لَا يَبْقَى بَعْدَهُ مُعْسِرًا، أَوْ يُعْدَلُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، فَمَنْ احْتَمَلَ مَالُهُ أَبْعِرَةً كَثِيرَةً، وَلَمْ يُجْحِفْ ذَلِكَ بِهِ كُلِّفَ ذَلِكَ - وَمَنْ لَمْ يَحْتَمِلْ إلَّا جُزْءًا مِنْ بَعِيرٍ كَذَلِكَ: أَشْرَكَ بَيْنَ الْجَمَاعَةِ مِنْهُمْ فِي الْبَعِيرِ، هَكَذَا حَتَّى تَتِمَّ الدِّيَةُ - وَهَكَذَا فِي حُكْمِ الْغُرَّةِ، وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَالِ الْمَرْءِ مِنْهُمْ وَعِيَالِهِ، فَتُفْرَضُ الدِّيَةُ، وَالْغُرَّةُ عَلَى الْفَضَلَاتِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ - الَّتِي يَبْقَوْنَ بَعْدَهَا - لَوْ ذَهَبَتْ - أَغْنِيَاءَ - فَيُعْدَلُ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ، كَمَا قَالَ تَعَالَى {اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} [المائدة: ٨] .
وَالْعَدْلُ: هُوَ الْأَخْذُ بِالسُّنَّةِ، لَا بِأَنْ يُسَاوَى بَيْنَ ذِي الْفَضْلَةِ الْقَلِيلَةِ، وَالْفَضْلَةِ الْكَثِيرَةِ - فَيُؤْخَذَ مِنْهُمْ سَوَاءٌ - لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْ الْكَثِيرِ كَثِيرٌ، وَمِنْ الْقَلِيلِ قَلِيلٌ - وَهَذَا قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَهُوَ الْحَقُّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة هَلْ يُعْقَلُ عَنْ الْحَلِيفِ وَعَنْ الْمَوْلَى وَعَنْ الْعَبْدِ أَمْ لَا]
٢١٤٨ - مَسْأَلَةٌ: هَلْ يُعْقَلُ عَنْ الْحَلِيفِ؟ وَعَنْ الْمَوْلَى مِنْ أَسْفَلَ؟ أَوْ مِنْ فَوْقُ؟ وَعَنْ الْعَبْدِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يُعْقَلُ عَمَّنْ أَسْلَمَ عَنْ يَدَيْهِ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَنْتَقِلُ الْوَلَاءُ بِالْعَقْلِ أَمْ لَا؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قَالَ قَوْمٌ: يَعْقِلُ عَنْ الْمَوْلَى الْمُعْتَقِ مَوَالِيهِ مِنْ فَوْقُ: كَمَا نا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ نُبَاتٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نَصْرٍ نا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ نا ابْنُ وَضَّاحٍ نا مُوسَى بْنُ مُعَاوِيَةَ نا وَكِيعٌ نا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute