فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ رَوَيْتُمْ عَنْ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ نَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ هُوَ ابْنُ أَبِي خَالِدٍ - عَنْ وَبَرَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: إذَا قَرَنَ الرَّجُلُ بَيْنَ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ فَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ فَقِيلَ لَهُ: إنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: شَاةٌ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الصِّيَامُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ شَاةٍ؟ قُلْنَا: نَعَمْ، وَأَنْتُمْ أَوَّلُ مَنْ خَالَفَ ابْنَ عُمَرَ فِي هَذَا؛ وَمِنْ التَّلَاعُبِ فِي الدِّينِ أَنْ تُوجِبُوا قَوْلَ الصَّاحِبِ حُجَّةً [لَا يَجُوزُ خِلَافُهَا] إذَا وَافَقَ قَوْلَ أَبِي حَنِيفَةَ، أَوْ مَالِكٍ، أَوْ الشَّافِعِيِّ، وَغَيْرَ حُجَّةٍ إذَا خَالَفَهُمْ - نَبْرَأُ إلَى اللَّهِ - تَعَالَى - مِنْ هَذَا الْعَمَلِ.
[الْمُحْرِم إذَا أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ]
وَأَمَّا قَوْلُنَا -: مَنْ أَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ مَكَّةَ، مِنْ مُعْتَمِرٍ، أَوْ قَارِنٍ، أَوْ مُتَمَتِّعٍ بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ؛ فَفَرَضَ عَلَيْهِ أَنْ يَجْعَلَ آخِرَ عَمَلِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ، فَإِنْ تَرَدَّدَ بِمَكَّةَ بَعْدَ ذَلِكَ أَعَادَ الطَّوَافَ وَلَا بُدَّ، فَإِنْ خَرَجَ وَلَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ فَفَرَضَ عَلَيْهِ الرُّجُوعَ، وَلَوْ كَانَ بَلَدُهُ بِأَقْصَى الدُّنْيَا حَتَّى يَطُوفَ بِالْبَيْتِ، فَإِنْ خَرَجَ عَنْ مَنَازِلِ مَكَّةَ فَتَرَدَّدَ خَارِجًا مَاشِيًا، فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ الطَّوَافَ إلَّا الَّتِي تَحِيضُ بَعْدَ أَنْ تَطُوفَ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ فَلَيْسَ عَلَيْهَا أَنْ تَنْتَظِرَ طُهْرَهَا لِتَطُوفَ لَكِنْ تَخْرُجُ كَمَا هِيَ؛ فَإِنْ حَاضَتْ قَبْلَ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ فَلَا بُدَّ لَهَا أَنْ تَنْتَظِرَ حَتَّى تَطْهُرَ، وَتَطُوفَ، وَتُحْبَسُ عَلَيْهَا الْكِرَى وَالرُّفْقَةُ -: فَلَمَّا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ قَالَ: نَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ نَا سُفْيَانُ عَنْ سُلَيْمَانَ الْأَحْوَلِ عَنْ طَاوُسٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» .
وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ نَا اللَّيْثُ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ - أَنَّ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ «حَاضَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيِّ بَعْدَمَا أَفَاضَتْ فَذَكَرَتْ حَيْضَتَهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّهَا قَدْ كَانَتْ أَفَاضَتْ وَطَافَتْ بِالْبَيْتِ ثُمَّ حَاضَتْ بَعْدَ الْإِفَاضَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: فَلْتَنْفِرْ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute