غَيْرُ دَاخِلٍ فِي التَّحْرِيمِ، وَإِذْ هُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِيهِ فَكُلُّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لَهُ جُمْلَةً.
[مَسْأَلَةٌ السَّرَفُ حَرَامٌ]
١٠٢٨ - مَسْأَلَةٌ: وَالسَّرَفُ حَرَامٌ، وَهُوَ النَّفَقَةُ فِيمَا حَرَّمَ اللَّهُ تَعَالَى قَلَّتْ أَوْ كَثُرَتْ، وَلَوْ أَنَّهَا جُزْءٌ مِنْ قَدْرِ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ - أَوْ التَّبْذِيرُ فِيمَا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ ضَرُورَةً مِمَّا لَا يَبْقَى لِلْمُنْفِقِ بَعْدَهُ غِنًى - أَوْ إضَاعَةُ الْمَالِ وَإِنْ قَلَّ بِرَمْيِهِ عَبَثًا؛ فَمَا عَدَا هَذِهِ الْوُجُوهِ فَلَيْسَ سَرَفًا وَهُوَ حَلَالٌ وَإِنْ كَثُرَتْ النَّفَقَةُ فِيهِ. وَقَوْلُنَا هَذَا رُوِّينَاهُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَغَيْرِهِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} [الأنعام: ١٤١] . وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ أَنَا يُونُسُ - هُوَ ابْنُ يَزِيدَ - عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: «سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أَمْسِكْ عَلَيْكَ بَعْضَ مَالِكَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» . وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " أَنَّهُ قَالَ: «خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ» : رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» ". فَصَحَّ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ نَفَقَةُ شَيْءٍ مِنْ الْمَعْرُوفِ، وَلَا الْمُبَاحِ، إلَّا مَا أَبْقَى غِنًى، إلَّا مَنْ اُضْطُرَّ إلَى قُوتِ نَفْسِهِ وَمَنْ مَعَهُ، فَلَا يَحِلُّ لَهُ قَتْلُ نَفْسِهِ وَلَا تَضْيِيعُ مَنْ مَعَهُ، ثُمَّ اللَّهُ تَعَالَى هُوَ الرَّزَّاقُ، وَأَمَّا مَا دُونَ هَذَا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ {كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [المؤمنون: ٥١] . وَقَالَ تَعَالَى: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا} [المائدة: ٨٧] . وَقَالَ تَعَالَى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ} [الأعراف: ٣٢] {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] . فَمَنْ حَرَّمَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَصٍّ فَقَدْ قَالَ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى الْبَاطِلَ. فَإِنْ ذَكَرُوا قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} [الأحقاف: ٢٠] فَإِنَّمَا هَذِهِ الْآيَةُ فِي الْكُفَّارِ خَاصَّةً بِنَصِّ الْآيَةِ قَالَ تَعَالَى: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنْتُمْ تَفْسُقُونَ} [الأحقاف: ٢٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute