يُقِرُّوا بِأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ إلَيْنَا، وَأَنْ لَا يَطْعَنُوا فِيهِ، وَلَا فِي شَيْءٍ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ؛ لِحَدِيثِ ثَوْبَانَ الَّذِي ذَكَرْنَا آنِفًا وَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ} [التوبة: ١٢]
وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ، قَالَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ: مَنْ قَالَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ: إنَّمَا أُرْسِلَ مُحَمَّدٌ إلَيْكُمْ لَا إلَيْنَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، قَالَ: فَإِنْ قَالَ لَمْ يَكُنْ نَبِيًّا قُتِلَ.
[مَسْأَلَةٌ مَنْ قَالَ إنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْإِسْلَامِ بَاطِنًا غَيْرَ الظَّاهِرِ]
٩٤٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَمَنْ قَالَ: إنَّ فِي شَيْءٍ مِنْ الْإِسْلَامِ بَاطِنًا غَيْرَ الظَّاهِرِ الَّذِي يَعْرِفهُ الْأَسْوَدُ وَالْأَحْمَرُ، فَهُوَ كَافِرٌ يُقْتَلُ وَلَا بُدَّ، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {فَإِنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ} [التغابن: ١٢] وَقَالَ تَعَالَى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤] فَمَنْ خَالَفَ هَذَا فَقَدْ كَذَّبَ بِالْقُرْآنِ.
[مَسْأَلَةٌ كُلُّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ كَانَا لِكَافِرَيْنِ أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ]
٩٤٣ - مَسْأَلَةٌ:
وَكُلُّ عَبْدٍ، أَوْ أَمَةٍ كَانَا لِكَافِرَيْنِ، أَوْ أَحَدِهِمَا أَسْلَمَا فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ فِي غَيْرِ دَارِ الْحَرْبِ: فَهُمَا حُرَّانِ، فَلَوْ كَانَا كَذَلِكَ لِذِمِّيٍّ فَأَسْلَمَا: فَهُمَا حُرَّانِ سَاعَةَ إسْلَامِهِمَا، وَكَذَلِكَ مُدَبَّرُ الذِّمِّيِّ، أَوْ الْحَرْبِيِّ، أَوْ مُكَاتَبُهُمَا، أَوْ أُمُّ وَلَدِهِمَا، أَيُّهُمْ أَسْلَمَ فَهُوَ حُرٌّ سَاعَةَ إسْلَامِهِ وَتَبْطُلُ الْكِتَابَةُ، أَوْ مَا بَقِيَ مِنْهَا، وَلَا يَرْجِعُ الَّذِي أَسْلَمَ بِشَيْءٍ مِمَّا كَانَ أَعْطَى مِنْهَا قَبْلَ إسْلَامِهِ، وَيَرْجِعُ بِمَا أَعْطَى مِنْهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ فَيَأْخُذُهُ لِقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] وَإِنَّمَا عَنَى تَعَالَى بِهَذَا أَحْكَامَ الدِّينِ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا تَسَلُّطُ الدُّنْيَا بِالظُّلْمِ فَلَا، وَالرِّقُّ أَعْظَمُ السَّبِيلِ، وَقَدْ أَسْقَطَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِالْإِسْلَامِ، وَنَسْأَلُ مَنْ بَاعَهُمَا عَلَيْهِ: لِمَ تَبِيعُهُمَا؟ أَهُمَا مَمْلُوكَانِ لَهُ أَمْ غَيْرُ مَمْلُوكَيْنِ؟ وَلَا بُدَّ مِنْ أَحَدِهِمَا.
فَإِنْ قَالَ: لَيْسَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ صَدَقَ - وَهُوَ قَوْلُنَا - وَإِذْ لَمْ يَكُونَا مَمْلُوكَيْنِ لَهُ فَهُمَا حُرَّانِ، وَإِنْ قَالَ: هُمَا مَمْلُوكَانِ لَهُ.
قُلْنَا: فَلِمَ تُبْطِلُ مِلْكَهُ الَّذِي أَنْتَ تُصَحِّحُهُ بِلَا نَصٍّ وَلَا إجْمَاعٍ؟ وَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ إقْرَارِك لَهُمَا فِي مِلْكِهِ سَاعَةً، أَوْ سَاعَتَيْنِ، أَوْ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ جُمُعَةً، أَوْ جُمُعَتَيْنِ، أَوْ شَهْرًا، أَوْ شَهْرَيْنِ، أَوْ عَامًا، أَوْ عَامَيْنِ، أَوْ بَاقِيَ عُمُرِهَا، أَوْ عُمُرِهِ، وَكَيْفَ صَحَّ إقْرَارُك لَهُمَا فِي مِلْكِهِ مُدَّةَ تَعْرِيضِهِمَا لِلْبَيْعِ؟ وَلَمْ يَصِحَّ، وَلَمْ يَصِحَّ إبْقَاؤُهُمَا فِي مِلْكِهِ أَكْثَرَ، وَلَعَلَّهُمَا لَا يَسْتَبِيعَانِ فِي شَهْرٍ؛ أَوْ أَكْثَرَ، وَهَلَّا أَقْرَرْتُمُوهُمَا فِي مِلْكِهِ وَحُلْتُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute