للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ كَمَاءِ الْوَرْدِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ وَهَذَا بَاطِلٌ، لِأَنَّ مَاءَ الْوَرْدِ لَيْسَ مَاءً أَصْلًا، وَهَذَا مَاءٌ وَشَيْءٌ آخَرُ مَعَهُ فَقَطْ.

[مَسْأَلَة حُكْم الْوُضُوء وَالْغُسْل إذَا لَمْ يُوجَد شَرْط الْجَوَاز وَهُوَ زَوَال اسْم الْمَاء عَنْهُ]

١٤٨ - مَسْأَلَةٌ: فَإِنْ سَقَطَ عَنْهُ اسْمُ الْمَاءِ جُمْلَةً، كَالنَّبِيذِ وَغَيْرِهِ، لَمْ يَجُزْ الْوُضُوءُ بِهِ وَلَا الْغُسْلُ، وَالْحُكْمُ حِينَئِذٍ التَّيَمُّمُ، وَسَوَاءٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَاَلَّتِي قَبْلَهَا، وُجِدَ مَاءٌ آخَرُ أَمْ لَمْ يُوجَدْ.

بُرْهَانُ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا} [النساء: ٤٣] وَلِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَجُعِلَتْ تُرْبَتُهَا لَنَا طَهُورًا إذَا لَمْ نَجِدِ الْمَاءَ» .

وَلَمَّا كَانَ اسْمُ الْمَاءِ لَا يَقَعُ عَلَى مَا غَلَبَ عَلَيْهِ غَيْرُ الْمَاءِ حَتَّى تَزُولَ عَنْهُ جَمِيعُ صِفَاتِ الْمَاءِ الَّتِي مِنْهَا يُؤْخَذُ حَدُّهُ، صَحَّ أَنَّهُ لَيْسَ مَاءً، وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِغَيْرِ الْمَاءِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَدَاوُد وَغَيْرِهِمْ، وَقَالَ بِهِ الْحَسَنُ وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو يُوسُفَ وَإِسْحَاقُ وَأَبُو ثَوْرٍ وَغَيْرُهُمْ.

وَرُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ النَّبِيذَ وَضُوءٌ إذَا لَمْ يُوجَدْ الْمَاءُ وَلَا يَتَيَمَّمُ مَعَ وُجُودِهِ.

وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: لَا يَتَيَمَّمُ إذَا عَدِمَ الْمَاءَ مَا دَامَ يُوجَدُ نَبِيذٌ غَيْرُ مُسْكِرٍ، فَإِنْ كَانَ مُسْكِرًا فَلَا يَتَوَضَّأُ بِهِ.

وَقَالَ حُمَيْدٌ صَاحِبُ الْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ: نَبِيذُ التَّمْرِ خَاصَّةً يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَالْغُسْلُ الْمُفْتَرَضُ فِي الْحَضَرِ وَالسَّفَرِ، وُجِدَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ بِغَيْرِ نَبِيذِ التَّمْرِ، وُجِدَ الْمَاءُ أَوْ لَمْ يُوجَدْ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي أَشْهَرِ قَوْلَيْهِ: إنَّ نَبِيذَ التَّمْرِ خَاصَّةً إذَا لَمْ يُسْكِرْ فَإِنَّهُ يُتَوَضَّأُ بِهِ وَيُغْتَسَلُ - فِيمَا كَانَ خَارِجَ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى خَاصَّةً - عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، فَإِنْ أَسْكَرَ، فَإِنْ كَانَ مَطْبُوخًا جَازَ الْوُضُوءُ بِهِ وَالْغُسْلُ كَذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ نِيئًا لَمْ يَجُزْ اسْتِعْمَالُهُ أَصْلًا فِي ذَلِكَ، وَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، لَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ وَلَا فِي الْأَمْصَارِ وَلَا فِي الْقُرَى أَصْلًا - وَإِنْ عَدِمَ الْمَاءَ - وَلَا بِشَيْءٍ مِنْ الْأَنْبِذَةِ غَيْرَ نَبِيذِ التَّمْرِ لَا فِي الْقُرَى وَلَا فِي غَيْرِ الْقُرَى، وَلَا عِنْدَ عَدَمِ الْمَاءِ، وَالرِّوَايَةُ الْأُخْرَى عَنْهُ أَنَّ جَمِيعَ الْأَنْبِذَةِ يُتَوَضَّأُ بِهَا وَيُغْتَسَلُ، كَمَا قَالَ فِي نَبِيذِ التَّمْرِ سَوَاءً سَوَاءً.

<<  <  ج: ص:  >  >>