مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو بَاعَ ثَمَرَ حَائِطٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ: الْأَفْرَاقُ بِأَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ وَاسْتَثْنَى مِنْهُ بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ تَمْرًا - وَمَا نَعْلَمُ لَهُمْ غَيْرَ هَذَا.
فَالرِّوَايَةُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ: هُمْ أَوَّلُ مُخَالِفٍ لَهَا؛ لِأَنَّ طَعَامَ الْفِتْيَانِ إنْ كَانَ مُسْتَثْنًى مِنْ الثَّمَرَةِ فَهُوَ مَجْهُولٌ، لَا يُدْرَى مَا يَكُونُ نَوْعُهُ، وَلَا مِقْدَارُ مَا يَكُونُ، فَإِنْ كَانَ مُضَافًا عَلَى الْمُشْتَرِي إلَى الثَّمَنِ فَكَذَلِكَ أَيْضًا -.
وَالْمَالِكِيُّونَ لَا يُجِيزُونَ شَيْئًا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ - فَقَدْ خَالَفُوهُ، وَالصَّحِيحُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُ قَوْلِنَا كَمَا أَوْرَدْنَا آنِفًا.
وَأَمَّا حَدِيثُ سَالِمٍ فَلَمْ يَخُصَّ ثُلُثًا مِنْ أَقَلَّ، وَلَا أَكْثَرَ -.
وَالْمَالِكِيُّونَ لَا يُجِيزُونَ أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ - فَقَدْ خَالَفُوهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ فَإِنَّمَا اسْتَثْنَى مِنْ ثَمَرٍ بَاعَهُ بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ تَمْرًا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ، وَهُمْ الْخُمُسُ، فَإِنَّمَا اسْتَثْنَى خُمُسَ مَا بَاعَ، وَهَذَا جَائِزٌ حَسَنٌ - فَلَاحَ أَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُمْ أَصْلًا فِيمَا قَالُوهُ ذَلِكَ.
وَقَدْ رُوِّينَا الْمَنْعَ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ جُمْلَةً كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ أَبِي الْجَارُودِ قَالَ: سَأَلْت جَابِرَ بْنَ زَيْدٍ عَمَّنْ بَاعَ شَيْئًا وَاسْتَثْنَى بَعْضًا؟ قَالَ: لَا يَصْلُحُ ذَلِكَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ عَنَى مَجْهُولًا فَصَحِيحٌ وَإِنْ كَانَ عَنَى جُمْلَةَ الِاسْتِثْنَاءِ فَخَطَأٌ؛ لِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَبَاحَ الثُّنْيَا إذَا عُلِمَتْ» ، وَلَا حُجَّةَ فِي أَحَدٍ مَعَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.
[مَسْأَلَةٌ بَيْع مَال غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ لَهُ فِي بَيْعِهِ]
١٤٦٢ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنَّ يَبِيعَ مَالَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِ الْمَالِ لَهُ فِي بَيْعِهِ، فَإِنْ وَقَعَ فُسِخَ أَبَدًا - سَوَاءٌ كَانَ صَاحِبُ الْمَالِ حَاضِرًا يَرَى ذَلِكَ أَوْ غَائِبًا - وَلَا يَكُونُ سُكُوتُهُ رِضًا بِالْبَيْعِ - طَالَتْ الْمُدَّةُ أَمْ قَصُرَتْ - وَلَوْ بَعْدَ مِائَةَ عَامٍ أَوْ أَكْثَرَ، بَلْ يَأْخُذُ مَالَهُ أَبَدًا هُوَ وَوَرَثَتُهُ بَعْدَهُ.
وَلَا يَجُوزُ لِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُمْضِيَ ذَلِكَ الْبَيْعَ أَصْلًا إلَّا أَنْ يَتَرَاضَى هُوَ وَالْمُشْتَرِي عَلَى ابْتِدَاءِ عَقْدِ بَيْعٍ فِيهِ - وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ قَبَضَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ.
وَكَذَلِكَ لَا يُلْزِمُ أَحَدًا شِرَاءَ غَيْرِهِ لَهُ لَا أَنْ يَأْمُرَهُ بِذَلِكَ، فَإِنْ اشْتَرَى لَهُ دُونَ أَمْرِهِ