وَهَذَا هُوَ الْمُوجِبُ لِلْحَدِّ، فَإِنَّمَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدَّ فِي كُلِّ ذَلِكَ بِوُقُوعِ الزِّنَا، وَوُجُوبِ السَّرِقَةِ، أَوْ الْقَذْفِ، وَأَثْبَتَ الْأَرْبَعَةُ الزِّنَا فَقَدْ وَجَبَ الْحَدُّ فِي ذَلِكَ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، وَالسُّنَّةِ وَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ تَعَالَى قَطُّ، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا تَقْبَلُوا الشَّهَادَةَ حَتَّى يَشْهَدُوا عَلَى زِنًا وَاحِدٍ، فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فِي مَكَان وَاحِدٍ، وَعَلَى سَرِقَةٍ وَاحِدَةٍ لِشَيْءٍ وَاحِدٍ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ، فِي مَكَان وَاحِدٍ {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
وَتَاللَّهِ، لَوْ أَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ لَمَا أَهْمَلَهُ، وَلَا أَغْفَلَهُ حَتَّى يُبَيِّنَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَحَاشَ لِلَّهِ مِنْ هَذَا. فَصَحَّ أَنَّ مَا اشْتَرَطُوهُ مِنْ ذَلِكَ خَطَأٌ لَا مَعْنَى لَهُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ: فَلْيَعْلَمُوا أَنَّ قَوْلَهُمْ: لَا نَعْلَمُهُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَا نَذْكُرُهُ عَنْ تَابِعٍ، إلَّا شَيْئًا وَرَدَ عَنْ قَتَادَةَ: وَحَدَّثَنَا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ نا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ، فِي رَجُلٍ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ سَرَقَ بِأَرْضٍ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ بِأَنَّهُ سَرَقَ بِأَرْضٍ أُخْرَى؟ قَالَ: لَا قَطْعَ عَلَيْهِ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ بَعْضِ التَّابِعِينَ مِمَّنْ نَعْلَمُهُ أَعْلَى مِنْ قَتَادَةَ خِلَافُ هَذَا: كَمَا نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَبِيعٍ نا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ نا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ نا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ نا الْحَجَّاجُ بْنُ الْمِنْهَالِ نا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ أَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: تَجُوزُ شَهَادَةُ الرَّجُلِ وَحْدَهُ فِي السَّرِقَةِ - وَقَدْ ذَكَرْنَا مِثْلَ هَذَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ - وَإِنْ كُنَّا لَا نَقُولُ بِهِ - وَلَكِنْ لَنُرِيهِمْ أَنَّ تَمْوِيهَهُمْ بِأَنَّهَا شَهَادَةٌ وَاحِدَةٌ عَلَى فِعْلٍ وَاحِدٍ: كَلَامٌ فَاسِدٌ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَة السَّرِقَة عِنْد الضرورة]
٢٢٨١ - مَسْأَلَةٌ: الْقَطْعُ فِي الضَّرُورَةِ؟ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: نا حُمَامٌ نا ابْنُ مُفَرِّجٍ نا ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ حَدَّثَنَا الدَّبَرِيُّ نا عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا تُقْطَعُ فِي عِذْقٍ، وَلَا فِي عَامِ السَّنَةِ. وَبِهِ - إلَى مَعْمَرٍ عَنْ أَبَانَ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فِي نَاقَةٍ نُحِرَتْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute