للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ الْمُسَافِرُ وَالْمُقِيمُ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ سَوَاءٌ فِي وُجُوبِ الْجُمُعَةِ فِي سَفَرِهِ]

مَسْأَلَةٌ: وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا - مِنْ وُجُوبِ الْجُمُعَةِ - الْمُسَافِرُ فِي سَفَرِهِ، وَالْعَبْدُ، وَالْحُرُّ، وَالْمُقِيمُ، وَكُلُّ مَنْ ذَكَرْنَا يَكُونُ إمَامًا فِيهَا، رَاتِبًا وَغَيْرَ رَاتِبٍ، وَيُصَلِّيهَا الْمَسْجُونُونَ، وَالْمُخْتَفُونَ رَكْعَتَيْنِ فِي جَمَاعَةٍ بِخُطْبَةٍ كَسَائِرِ النَّاسِ، وَتُصَلَّى فِي كُلِّ قَرْيَةٍ صَغُرَتْ أَمْ كَبُرَتْ، كَانَ هُنَالِكَ سُلْطَانٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَإِنْ صُلِّيَتْ الْجُمُعَةُ فِي مَسْجِدَيْنِ فِي الْقَرْيَةِ فَصَاعِدًا: جَازَ ذَلِكَ؟ وَرَأَى أَبُو حَنِيفَةَ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ: أَنْ لَا جُمُعَةَ عَلَى عَبْدٍ، وَلَا مُسَافِرٍ.

وَاحْتَجَّ لَهُمْ مَنْ قَلَّدَهُمْ فِي ذَلِكَ بِآثَارٍ وَاهِيَةٍ لَا تَصِحُّ: أَحَدُهَا مُرْسَلٌ، وَالثَّانِي فِيهِ هُرَيْمٌ وَهُوَ مَجْهُولٌ وَالثَّالِثُ فِيهِ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو، وَضِرَارُ بْنُ عَمْرٍو، وَهُمَا مَجْهُولَانِ وَلَا يَحِلُّ الِاحْتِجَاجُ بِمِثْلِ هَذَا؟ وَلَوْ شِئْنَا لَعَارَضْنَاهُمْ بِمَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ «بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِأَصْحَابِهِ فِي سَفَرٍ، وَخَطَبَهُمْ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَصًا» وَلَكِنَّنَا وَلِلَّهِ الْحَمْدُ فِي غِنًى بِالصَّحِيحِ عَمَّا لَا يَصِحُّ؟ وَاحْتَجُّوا بِأَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَجْهَرْ فِي صَلَاةِ الظُّهْرِ بِعَرَفَةَ، وَكَانَ يَوْمُ جُمُعَةٍ» قَالَ عَلِيٌّ: وَهَذِهِ جُرْأَةٌ عَظِيمَةٌ وَمَا رَوَى قَطُّ أَحَدٌ: أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَجْهَرْ فِيهَا، وَالْقَاطِعُ بِذَلِكَ كَاذِبٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَعَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ قَفَا مَا لَا عِلْمَ بِهِ؟ وَقَدْ قَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ: إنْ وَافَقَ يَوْمَ عَرَفَةَ يَوْمُ جُمُعَةٍ جَهَرَ الْإِمَامُ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَلَا خِلَافَ فِي أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - خَطَبَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهَذِهِ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ، وَحَتَّى لَوْ صَحَّ لَهُمْ أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَجْهَرْ لَمَا كَانَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ حُجَّةٌ أَصْلًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>