وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّمَا تَبْتَدِي بِتَرَبُّصِ التِّسْعَةِ الْأَشْهُرِ مِنْ حِينِ ارْتَفَعَتْ حَيْضَتُهَا، لَا مِنْ حِينِ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، إلَّا الَّتِي رَفَعَتْهَا حَيْضَتُهَا إثْرَ طَلَاقِهَا، فَهَذِهِ تَعْتَدُّ التِّسْعَةَ الْأَشْهُرَ مِنْ حِينِ طَلُقَتْ.
قَالَ: وَالْمُسْتَحَاضَةُ - كَذَلِكَ عِدَّتُهَا سَنَةٌ - الْحُرَّةُ وَالْأَمَةُ سَوَاءٌ - وَكَذَلِكَ الَّتِي ارْتَفَعَ حَيْضُهَا مِنْ مَرَضٍ - الْأَمَةُ وَالْحُرَّةُ سَوَاءٌ - قَالَ: وَأَمَّا الَّتِي ارْتَفَعَ حَيْضُهَا مِنْ أَجْلِ الرَّضَاعِ - فَإِنَّهَا بِخِلَافِ ذَلِكَ، وَلَا تَتِمُّ عِدَّتُهَا إلَّا بِتَمَامِ ثَلَاثَةِ أَقْرَاءٍ كَائِنَةً مَا كَانَتْ.
قَالَ: وَأَمَّا الْمُرْتَابَةُ - فَإِنَّهَا تُقِيمُ حَتَّى تَذْهَبَ الرِّيبَةُ أَوْ يَصِحَّ الْحَمْلُ، قَالَ: وَأَقْصَى تَرَبُّصِهَا تِسْعَةُ أَشْهُرٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: هَذِهِ تَقَاسِيمُ لَا تُحْفَظُ عَنْ أَحَدٍ قَبْلَهُ.
فَإِنْ شَغَبُوا بِالرِّوَايَةِ الَّتِي هِيَ عَنْ عَلِيٍّ، وَزَيْدٍ بِحَضْرَةِ عُثْمَانَ؟ قُلْنَا: لَمْ يَقُولُوا إنَّ ذَلِكَ مِنْ أَجْلِ الرَّضَاعِ؛ إنَّمَا بَيَّنُوا أَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ اللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ، وَلَا مِنْ اللَّائِي لَمْ يَيْأَسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ، فَلَا يَحِلُّ أَنْ يَقُولُوا مَا لَمْ يَقُولُوا - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ تَقَارُبُ الْأَقْرَاءِ أَوْ تَبَاعُدُهَا]
١٩٩٤ - مَسْأَلَةٌ: وَسَوَاءٌ فِيمَا ذَكَرْنَا تَقَارُبُ الْأَقْرَاءِ أَوْ تَبَاعُدُهَا - لَا حَدَّ فِي ذَلِكَ - إلَّا أَنَّهُ لَا تُصَدَّقُ الْمَرْأَةُ فِي ذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ قَوْلَهَا، إلَّا بِأَرْبَعٍ عُدُولٍ مِنْ النِّسَاءِ عَالِمَاتٍ، يَشْهَدْنَ أَنَّهَا حَاضَتْ حَيْضًا أَسْوَدَ ثُمَّ طَهُرَتْ مِنْهُ - هَكَذَا ثَلَاثَةَ أَقْرَاءٍ - أَوْ بِشَهَادَةِ امْرَأَتَيْنِ كَذَلِكَ مَعَ يَمِينِهَا؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَحُدَّ فِي ذَلِكَ حَدًّا، وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} [مريم: ٦٤] .
وَمِنْ الْبَاطِلِ الْمُتَيَقَّنِ أَنْ يَكُونَ تَعَالَى أَرَادَ أَنْ يَكُونَ لِلْأَقْرَاءِ مِقْدَارٌ لَا يَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ ثُمَّ يَسْكُتُ عَنْ ذَلِكَ؟ لِيُكَلِّفَنَا عِلْمَ الْغَيْبِ الَّذِي حَجَبَهُ عَنَّا، أَوْ يَكِلَنَا إلَى الظُّنُونِ الْكَاذِبَةِ، وَالْأَقْوَالِ الْفَاسِدَةِ الَّتِي لَا يُشَكُّ فِي بُطْلَانِهَا.
وَأَمَّا أَنْ لَا تُصَدَّقَ فِي ذَلِكَ إذَا أَنْكَرَ الزَّوْجُ - فَلِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَكَمَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ ادَّعَى، وَهِيَ مُدَّعِيَةٌ بُطْلَانَ حَقٍّ ثَابِتٍ لِزَوْجِهَا فِي رَجْعَتِهَا - أَحَبَّتْ أَمْ كَرِهَتْ - فَلَا تُصَدَّقُ إلَّا بِبَيِّنَةِ عَدْلٍ.
-:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute