خَرْقَاءَ، وَلَا مُقَابِلَةٍ، وَلَا مُدَابِرَةٍ» ، إنَّمَا جَاءَ فِي الْأَضَاحِيّ نَصًّا، وَالْأُضْحِيَّةُ غَيْرُ الْهَدْيِ، وَالْقِيَاسُ بَاطِلٌ.
وَقَدْ وَافَقْنَا الْمُخَالِفَ عَلَى اخْتِلَافِ حُكْمِ الْهَدْيِ وَالْأُضْحِيَّةِ فِي الْإِشْعَارِ وَالتَّقْلِيدِ، وَحُكْمُهُ إذَا عَطِبَ قِبَلَ مَحِلِّهِ.
فَمِنْ الْبَاطِلِ أَنْ يُقَاسَ حُكْمُ الْهَدْيِ عَلَى الْأَضَاحِيّ فِي مَكَان، وَلَا يُقَاسُ عَلَيْهِ فِي مَكَان آخَرَ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ مُفَرِّقٍ بَيْنَ ذَلِكَ، وَالْهَدْيُ جَائِزٌ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ، وَلَا تَجُوزُ الْأُضْحِيَّةَ عِنْدَهُمْ إلَّا فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامِ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ؛ فَبَطَلَتْ التَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا الْجَذَعَةُ -: فَلِمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى أَنَا هُشَيْمٌ عَنْ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدَ عَنْ الشَّعْبِيِّ «عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ: أَنَّ خَالَهُ أَبَا بُرْدَةَ بْنَ نِيَارٍ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ هَذَا الْيَوْمَ اللَّحْمُ فِيهِ مَكْرُوهٌ، وَإِنِّي عَجَّلْتُ نَسِيكَتِي لِأُطْعِمَ أَهْلِي، وَجِيرَانِي، وَأَهْلَ دَارِي؟ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَعِدْ نُسُكًا؟ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ عِنْدِي عِنَاقَ لَبَنٍ هِيَ خَيْرٌ مِنْ شَاتَيْ لَحْمٍ؟ فَقَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: هِيَ خَيْرُ نَسِيكَتَيْكَ، وَلَا تُجْزِئُ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَكَ» .
وَهَذَا عُمُومٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَابْتِدَاءُ قَضِيَّةٍ قَائِمَةٍ بِذَاتِهَا وَإِنَّمَا كَانَ يَكُونُ هَذَا مَقْصُورًا عَلَى الْأُضْحِيَّةَ لَوْ قَالَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَك، فَكَانَ يَكُونُ الضَّمِيرُ مَرْدُودًا إلَى الْأُضْحِيَّةَ؛ لَكِنْ ابْتَدَأَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَأَخْبَرَ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ جَذَعَةٌ عَنْ أَحَدٍ بَعْدَهَا؛ فَعَمَّ وَلَمْ يَخُصَّ.
وَإِنَّمَا خَصَّصْنَا جَزَاءَ الصَّيْدِ بِنَصِّ قَوْله تَعَالَى: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: ٩٥] فَعَمَّ - تَعَالَى - أَيْضًا، وَوَجَبَ أَنْ يُجْزِئَ الْجَذَعُ بِمِثْلِهِ، وَالصَّغِيرُ بِمِثْلِهِ، وَالْمَعِيبُ بِمِثْلِهِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ - وَبِاَللَّهِ - تَعَالَى - التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ طَافَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانًا]
٨٣٨ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عُرْيَانَ، فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يُجْزِهِ، فَإِنْ غَطَّى قُبُلَهُ وَدُبُرَهُ، فَلَا يُسَمَّى: عُرْيَانَ، فَإِنْ انْكَشَفَ سَاهِيًا لَمْ يَضُرَّهُ، قَالَ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٣١] .
رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ الْمُغِيرَةِ عَنْ الشَّعْبِيِّ «عَنْ الْمُحَرِّرِ بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ أَبِيهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute