وَقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «فَإِذَا جَاءَ الْآخَرُ فَاغْتَسِلِي وَصَلِّي» وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ مِنْ الطَّهَارَةِ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ.
وَعَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ، وَغَيْرِهَا كُنَّا لَا نَعُدُّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ شَيْئًا.
[مَسْأَلَةٌ رَأَتْ الطُّهْرَ قَبْلَ الْفَجْرِ فَأَخَّرَتْ الْغُسْلَ عَمْدًا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ]
٧٦٥ - مَسْأَلَةٌ: وَإِذَا رَأَتْ الْحَائِضُ الطُّهْرَ قَبْلَ الْفَجْرِ أَوْ رَأَتْهُ النُّفَسَاءُ وَأَتَمَّتَا عِدَّةَ أَيَّامِ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ قَبْلَ الْفَجْرِ فَأَخَّرَتَا الْغُسْلَ عَمْدًا إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ ثُمَّ اغْتَسَلَتَا وَأَدْرَكَتَا الدُّخُولَ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ لَمْ يَضُرَّهُمَا شَيْئًا وَصَوْمُهُمَا تَامٌّ؛ لِأَنَّهُمَا فَعَلَتَا مَا هُوَ مُبَاحٌ لَهُمَا؛ فَإِنْ تَعَمَّدَتَا تَرْكَ الْغُسْلِ حَتَّى تَفُوتَهُمَا الصَّلَاةُ بَطَلَ صَوْمُهُمَا؛ لِأَنَّهُمَا عَاصِيَتَانِ بِتَرْكِ الصَّلَاةِ عَمْدًا، فَلَوْ نَسِيَتَا ذَلِكَ أَوْ جَهِلَتَا فَصَوْمُهُمَا تَامٌّ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَمَّدَا مَعْصِيَةً؛ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ الْمُسْتَحَاضَةُ تَصُومُ]
٧٦٦ - مَسْأَلَةٌ: وَتَصُومُ الْمُسْتَحَاضَةُ كَمَا تُصَلِّي عَلَى مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْحَيْضِ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا فَأَغْنَى عَنْ إعَادَتِهِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ كَانَتْ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ فَأَخَّرَ الْقَضَاءَ حَتَّى جَاءَ آخَرُ]
٧٦٧ - مَسْأَلَةٌ: وَمَنْ كَانَتْ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ فَأَخَّرَ قَضَاءَهَا عَمْدًا، أَوْ لِعُذْرٍ، أَوْ لِنِسْيَانٍ حَتَّى جَاءَ رَمَضَانُ آخَرُ فَإِنَّهُ يَصُومُ رَمَضَانَ الَّذِي وَرَدَ عَلَيْهِ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَإِذَا أَفْطَرَ فِي أَوَّلِ شَوَّالٍ قَضَى الْأَيَّامَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِ وَلَا مَزِيدَ، وَلَا إطْعَامَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ؛ وَكَذَلِكَ لَوْ أَخَّرَهَا عِدَّةَ سِنِينَ وَلَا فَرْقَ إلَّا أَنَّهُ قَدْ أَسَاءَ فِي تَأْخِيرِهَا عَمْدًا سَوَاءٌ أَخَّرَهَا إلَى رَمَضَانَ أَوْ مِقْدَارَ مَا كَانَ يُمْكِنُهُ قَضَاؤُهَا مِنْ الْأَيَّامِ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [آل عمران: ١٣٣] فَالْمُسَارَعَةُ إلَى اللَّهِ الْمُفْتَرَضَةُ وَاجِبَةٌ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤] وَأَمَرَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْمُتَعَمِّدَ لِلْقَيْءِ، وَالْحَائِضَ، وَالنُّفَسَاءَ: بِالْقَضَاءِ؛ وَلَمْ يَحُدَّ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي ذَلِكَ وَقْتًا بِعَيْنِهِ، فَالْقَضَاءُ وَاجِبٌ عَلَيْهِمْ أَبَدًا حَتَّى يُؤَدَّى أَبَدًا، وَلَمْ يَأْتِ نَصُّ قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ بِإِيجَابِ إطْعَامٍ فِي ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ إلْزَامُ ذَلِكَ أَحَدًا لِأَنَّهُ شَرْعٌ وَالشَّرْعُ لَا يُوجِبُهُ فِي الدِّينِ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَطْ. وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute