وَابْنُ جُرَيْجٍ يَقُولُ: إنْ طَلَّقَهَا سَعَتْ لَهُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا - وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: فَهَؤُلَاءِ: عَلِيٌّ، وَأَنَسٌ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَإِبْرَاهِيمُ، وَمَنْ لَقِيَهُ إبْرَاهِيمُ مِنْ شُيُوخِهِ، وَالشَّعْبِيُّ، وَعَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، وَطَاوُسٌ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَقَتَادَةُ، وَغَيْرُهُمْ - وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَالْحَسَنِ بْنِ حَيٍّ، وَأَبِي يُوسُفَ الْقَاضِي - خَالَفَ فِي ذَلِكَ أَصْحَابَهُ وَوَفَّقَ - وَالشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَأَبِي ثَوْرٍ، وَبَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَمَا نَعْلَمْ لِلْمُخَالِفِينَ، سَلَفًا إلَّا تِلْكَ الرِّوَايَةُ السَّاقِطَةُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ الَّتِي لَمْ يُبَيِّنْ فِيهَا كَيْفَ كَانَ لَفْظُهُ؟ وَلَا كَيْفَ كَانَ لَفْظُ نَافِعٍ الَّذِي ذَكَرَ ذَلِكَ عَنْهُ، وَشَيْئًا رُبَّمَا ذَكَرُوهُ -:
رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ قَالَ: نا هُشَيْمٌ نا يُونُسُ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ أَنَّهُ كَانَ يُحِبُّ أَنْ يَجْعَلَ مَعَ عِتْقِهَا شَيْئًا مَا كَانَ؟
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا هَذَا اسْتِحْبَابٌ مِنْ ابْنِ سِيرِينَ، وَإِلَّا فَهَذَا الْقَوْلُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُجِيزُ أَنْ يَجْعَلَ عِتْقَهَا صَدَاقَهَا فَقَطْ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
وَأَمَّا قَوْلُنَا: إنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهَا، لِأَنَّ الَّذِي فَرَضَ لَهَا هُوَ عِتْقُهَا - وَهُوَ شَيْءٌ قَدْ تَمَّ فَلَا يُسْتَدْرَكُ - وَتَكْلِيفُ الْغَرَامَةِ هُوَ إيجَابُ غَيْرِ نِصْفِ مَا فَرَضَ لَهَا فَلَا يَجُوزُ.
وَأَمَّا إنْ لَمْ تَتَزَوَّجْهُ فَإِنْ عَتَقَ لَمْ يَتِمَّ؛ إنَّمَا هُوَ عِتْقٌ بِشَرْطِ أَنْ تَتَزَوَّجَهُ فَيَكُونُ صَدَاقُهَا، فَإِذَا لَمْ تَتَزَوَّجْهُ فَلَا صَدَاقَ لِنِكَاحٍ لَمْ يَتِمَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَأَمَّا إنْ تَزَوَّجَتْهُ فَقَدْ تَمَّ النِّكَاحُ، وَصَحَّ الْعِتْقُ لِصِحَّةِ النِّكَاحِ الَّذِي عَلَّقَ بِهِ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ لَا تُجْبَرَ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تَتَجَهَّزَ لِلزَّوْجِ بِشَيْءٍ]
١٨٥٣ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُجْبَرَ الْمَرْأَةُ عَلَى أَنْ تَتَجَهَّزَ إلَيْهِ بِشَيْءٍ أَصْلًا، لَا مِنْ صَدَاقِهَا الَّذِي أَصْدَقَهَا، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ مَالِهَا، وَالصَّدَاقُ كُلُّهُ لَهَا تَفْعَلُ فِيهِ كُلِّهِ مَا شَاءَتْ، لَا إذْنَ لِلزَّوْجِ فِي ذَلِكَ، وَلَا اعْتِرَاضَ.
وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ، وَغَيْرِهِمْ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ أَصْدَقَهَا دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أُجْبِرَتْ عَلَى أَنْ تَبْتَاعَ بِكُلِّ ذَلِكَ شُورَةً مِنْ ثِيَابٍ وَوِطَاءٍ وَحُلِيٍّ تَتَجَمَّلُ بِهِ لَهُ، وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ تَقْضِيَ مِنْهَا دَيْنًا عَلَيْهَا إلَّا ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ