الْعُلَمَاءِ، وَيَرَى ذَلِكَ خِلَافًا لِلْإِجْمَاعِ، هَذَا مَكَانٌ خَالَفَ فِيهِ الصَّحَابَةَ وَجُمْهُورَ الْعُلَمَاءِ مِنْ التَّابِعِينَ وَالْآثَارُ الَّتِي يَحْتَجُّ هُوَ بِأَسْقَطَ مِنْهَا - وَهَذَا تَنَاقُضٌ فَاحِشٌ. وَأَمَّا مَالِكٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحَرِّمْ الْجَنِينَ إذَا خَرَجَ بَعْدَ ذَبْحِ أُمِّهِ حَيًّا، وَمَا نَعْلَمُ هَذَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَهُ.
وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنَّهُ إنْ كَانَ عِنْدَهُ ذَكِيًّا بِذَكَاةِ أُمِّهِ أَنَّهُ إنْ عَاشَ وَكَبُرَ وَأَلْقَحَ وَنَتَجَ أَنَّهُ حَلَالٌ أَكْلُهُ مَتَى مَاتَ، لِأَنَّهُ ذُكِّيَ بَعْدُ بِذَكَاةِ أُمِّهِ - وَحَاشَا لِلَّهِ مِنْ هَذَا، فَكِلَاهُمَا خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، أَوْ مَا يَرَاهُ إجْمَاعًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ [وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ] .
[مَسْأَلَةٌ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ]
١٠١٦ - مَسْأَلَةٌ: وَلَا يَحِلُّ الْأَكْلُ وَلَا الشُّرْبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ لَا لِرَجُلٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ، فَإِنْ كَانَ مُضَبَّبًا بِالْفِضَّةِ جَازَ الْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فِيهِ لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ إنَاءَ فِضَّةٍ، فَإِنْ كَانَ مُضَبَّبًا بِالذَّهَبِ، أَوْ مُزَيَّنًا بِهِ حَرُمَ عَلَى الرِّجَالِ، لِأَنَّ فِيهِ اسْتِعْمَالَ ذَهَبٍ - وَحَلَّ لِلنِّسَاءِ لِأَنَّهُ لَيْسَ إنَاءُ ذَهَبٍ -: رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ نا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ نا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ - هُوَ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ - عَنْ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «الَّذِي يَأْكُلُ أَوْ يَشْرَبُ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ إنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» فَهَذَا عُمُومٌ يَدْخُلُ فِيهِ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ. وَصَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أَنَّ الذَّهَبَ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِهِ حِلٌّ لِإِنَاثِهَا» .
وَرُوِّينَا عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ أُتِيَ بفالوذج فِي إنَاءِ فِضَّةٍ فَأَخْرَجَهُ وَجَعَلَهُ عَلَى رَغِيفٍ وَأَكَلَهُ إلَّا أَنْ يَصِحَّ مَا حَدَّثَنَا بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ إسْمَاعِيلَ الْعُذْرِيُّ قَاضِي سَرَقُسْطَةَ نا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْمُطَّوِّعِيُّ نا الْحَاكِمُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّيْسَابُورِيُّ أَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْحَسَنِ الطُّوسِيُّ بِنَيْسَابُورَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْخُزَاعِيُّ بِمَكَّةَ، قَالَا جَمِيعًا: نا أَبُو يَحْيَى بْنُ أَبِي مَيْسَرَةَ نا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِي نا زَكَرِيَّا بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ شَرِبَ فِي إنَاءِ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ إنَاءٍ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّمَا يُجَرْجِرُ فِي بَطْنِهِ نَارَ جَهَنَّمَ» .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute