للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَسْأَلَةٌ صَلَاةُ الْفَرْضِ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا وَاقِفًا إلَّا لِعُذْرٍ]

مَسْأَلَةٌ: وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَهَا إلَّا وَاقِفًا إلَّا لِعُذْرٍ: مِنْ مَرَضٍ، أَوْ خَوْفٍ مِنْ عَدُوٍّ ظَالِمٍ؛ أَوْ مِنْ حَيَوَانٍ؛ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؛ أَوْ ضَعْفٍ عَنْ الْقِيَامِ كَمَنْ كَانَ فِي سَفِينَةٍ؛ أَوْ مَنْ صَلَّى مُؤْتَمًّا بِإِمَامٍ مَرِيضٍ، أَوْ مَعْذُورٍ فَصَلَّى قَاعِدًا فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُصَلُّونَ قُعُودًا؛ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ الْإِمَامُ عَلَى الْقُعُودِ، وَلَا الْقِيَامِ: صَلَّى مُضْطَجِعًا وَصَلُّوا كُلُّهُمْ خَلْفَهُ مُضْطَجِعِينَ وَلَا بُدَّ، وَإِنْ كَانَ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ مُذَكِّرًا - يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ - صَلَّى إنْ شَاءَ قَائِمًا إلَى جَنْبِ الْإِمَامِ، وَإِنْ شَاءَ صَلَّى كَمَا يُصَلِّي إمَامُهُ.

فَأَمَّا الْخَائِفُ، وَالْمَرِيضُ؛ فَلِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦] ؛ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: ١٨٥] ؛ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨] فَأَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى الْقِيَامَ إلَّا عَمَّنْ أَسْقَطَهُ عَنْهُ بِالنَّصِّ؛ وَهَذَا فِي الْخَائِفِ وَالْمَرِيضِ: إجْمَاعٌ - مَعَ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ صَلَّى الْفَرِيضَةَ قَاعِدًا لِمَرَضٍ كَانَ بِهِ وَلَوْثٍ بِرِجْلِهِ» .

وَأَمَّا مَنْ صَلَّى خَلْفَ إمَامٍ يُصَلِّي قَاعِدًا لِعُذْرٍ، فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِيهِ؟ فَقَالَ مَالِكٌ وَمَنْ قَلَّدَهُ: لَا يَجُوزُ أَنْ يَؤُمَّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا الْأَصِحَّاءَ - إلَّا رِوَايَةً رَوَاهَا عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ مُوَافِقَةً لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيِّ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ: يَؤُمُّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا: الْأَصِحَّاءَ، إلَّا أَنَّهُمْ يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ قِيَامًا، وَلَا بُدَّ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: وَلَا يَؤُمُّ الْمُصَلِّي مُضْطَجِعًا لِعُذْرٍ: الْأَصِحَّاءَ أَصْلًا وَقَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ وَأَصْحَابُنَا: يَؤُمُّ الْمَرِيضُ قَاعِدًا: الْأَصِحَّاءَ، وَلَا يُصَلُّونَ وَرَاءَهُ إلَّا قُعُودًا كُلُّهُمْ، وَلَا بُدَّ؟ قَالَ عَلِيٌّ: وَبِهَذَا نَأْخُذُ إلَّا فِيمَنْ يُصَلِّي إلَى جَنْبِ الْإِمَامِ يُذَكِّرُ النَّاسَ وَيُعْلِمُهُمْ تَكْبِيرَ الْإِمَامِ؛ فَإِنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَاعِدًا وَبَيْنَ أَنْ يُصَلِّيَ قَائِمًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>