وَأَمَّا غَيْرُهُمْ: فَالْإِسْلَامُ، أَوْ الْقَتْلُ - الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ - وَهُوَ نَصُّ الْقُرْآنِ.
فَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ [كُلِّ] ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَحِلُّ أَلْبَتَّةَ أَنْ يَبْقَى مُخَاطَبٌ مُكَلَّفٌ لَا يُسْلِمُ، وَلَا يُؤَدِّي الْجِزْيَةَ، وَلَا يُقْتَلُ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ.
وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ فِي النِّسَاءِ مُكَلَّفَاتٍ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَمُفَارَقَةِ الْكُفْرِ مَا يَلْزَمُ الرِّجَالَ سَوَاءٌ سَوَاءٌ، فَلَا يَحِلُّ إبْقَاؤُهُنَّ عَلَى الْكُفْرِ بِغَيْرِ قَتْلٍ وَلَا جِزْيَةٍ.
وَقَدْ صَحَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا [قَدْ] ذَكَرْنَاهُ قَبْلُ بِإِسْنَادِهِ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، وَيُؤْمِنُوا بِمَا أُرْسِلْتُ بِهِ - فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ» .
وَلَا يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ هَذِهِ اللَّوَازِمَ كُلَّهَا هِيَ عَلَى النِّسَاءِ كَمَا هِيَ عَلَى الرِّجَالِ، وَأَنَّ أَمْوَالَهُنَّ فِي الْكُفْرِ مَغْنُومَةٌ كَأَمْوَالِ الرِّجَالِ؛ فَثَبَتَ يَقِينًا أَنَّهُنَّ لَا يَعْصِمْنَ دِمَاءَهُنَّ وَأَمْوَالَهُنَّ إلَّا بِمَا يَعْصِمُ الرِّجَالُ بِهِ أَمْوَالَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ، أَوْ الْجِزْيَةِ إنْ كُنَّ كِتَابِيَّاتٍ وَلَا بُدَّ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ.
[مَسْأَلَةٌ السَّفَرُ بِالْمُصْحَفِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ]
٩٦١ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا يَحِلُّ السَّفَرُ بِالْمُصْحَفِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ لَا فِي عَسْكَرٍ وَلَا فِي غَيْرِ عَسْكَرٍ. رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُسَافَرَ بِالْقُرْآنِ إلَى أَرْضِ الْعَدُوِّ مَخَافَةَ أَنْ يَنَالَهُ الْعَدُوُّ» .
وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ عَسْكَرٌ مَأْمُونٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَهَذَا خَطَأٌ، وَقَدْ يُهْزَمُ الْعَسْكَرُ الْمَأْمُونُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْتَرَضَ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُخَصُّ بِلَا نَصٍّ.
[مَسْأَلَةٌ التِّجَارَةُ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ]
٩٦٢ - مَسْأَلَةٌ:
وَلَا تَحِلُّ التِّجَارَةُ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ إذَا كَانَتْ أَحْكَامُهُمْ تَجْرِي عَلَى التُّجَّارِ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُحْمَلَ إلَيْهِمْ سِلَاحٌ، وَلَا خَيْلٌ، وَلَا شَيْءٌ يَتَقَوَّوْنَ بِهِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.