للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إلَيْهِمْ، وَلَا أَنْ يُعْطِيَهُمْ شَيْئًا، وَلَا يَحِلُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُجْبِرَهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُمْ شَيْئًا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الِانْطِلَاقِ إلَّا بِالْفِدَاءِ فَفَرْضٌ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفْدُوهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يَفِي بِفِدَائِهِ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [البقرة: ١٨٨] وَإِسَارُ الْمُسْلِمِ أَبْطَلُ الْبَاطِلِ، وَأَخْذُ الْكَافِرِ أَوْ الظَّالِمِ مَالَهُ فِدَاءً مِنْ أَبْطَلْ الْبَاطِلِ، فَلَا يَحِلُّ إعْطَاءُ الْبَاطِلِ، وَلَا الْعَوْنُ عَلَيْهِ، وَتِلْكَ الْعُهُودُ وَالْأَيْمَانُ الَّتِي أَعْطَاهُمْ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيهَا، لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ عَلَيْهَا، إذْ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى الْخَلَاصِ إلَّا بِهَا، وَلَا يَحِلُّ لَهُ الْبَقَاءُ فِي أَرْضِ الْكُفْرِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْخُرُوجِ، وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأُ وَالنِّسْيَانُ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» وَهَكَذَا كُلُّ عَهْدٍ أَعْطَيْنَاهُمْ، حَتَّى نَتَمَكَّنَ مِنْ اسْتِنْقَاذِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ مِنْ أَيْدِيهمْ، فَإِنْ عَجَزْنَا عَنْ اسْتِنْقَاذِهِ إلَّا بِالْفِدَاءِ فَفَرْضٌ عَلَيْنَا فِدَاؤُهُ لِخَبَرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الَّذِي رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ «أَطْعِمُوا الْجَائِعَ وَفُكُّوا الْعَانِيَ» وَهُوَ قَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَالشَّافِعِيِّ

[مَسْأَلَةٌ فِدَاءُ الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ]

. ٩٣٥ - مَسْأَلَةٌ:

وَلَا يَحِلُّ فِدَاءُ الْأَسِيرِ الْمُسْلِمِ إلَّا إمَّا بِمَالٍ، وَإِمَّا بِأَسِيرٍ كَافِرٍ، وَلَا يَحِلُّ أَنْ يُرَدَّ صَغِيرٌ سُبِيَ مِنْ أَرْضِ الْحَرْبِ إلَيْهِمْ لَا بِفِدَاءٍ وَلَا بِغَيْرِ فِدَاءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ لَزِمَهُ حُكْم الْإِسْلَامِ بِمِلْكِ الْمُسْلِمِينَ لَهُ، فَهُوَ وَأَوْلَادُ الْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ وَلَا فَرْقَ - وَهُوَ قَوْلُ الْمُزَنِيّ.

[مَسْأَلَةٌ مَا وَهَبَ أَهْلُ الْحَرْبِ لِلْمُسْلِمِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ أَوْ التَّاجِرِ عِنْدَهُمْ]

٩٣٦ - مَسْأَلَةٌ:

وَمَا وَهَبَ أَهْلُ الْحَرْبِ لِلْمُسْلِمِ الرَّسُولِ إلَيْهِمْ، أَوْ التَّاجِرِ عِنْدَهُمْ فَهُوَ حَلَالٌ، وَهِبَةٌ صَحِيحَةٌ مَا لَمْ يَكُنْ مَالَ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، وَكَذَلِكَ مَا ابْتَاعَهُ الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ فَهُوَ ابْتِيَاعٌ صَحِيحٌ مَا لَمْ يَكُنْ مَالًا لِمُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ مَالِكُونَ لِأَمْوَالِهِمْ مَا لَمْ يَنْتَزِعْهَا الْمُسْلِمُ مِنْهُمْ بِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: {وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ} [الأحزاب: ٢٧] فَجَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى لَهُمْ إلَى أَنْ أَوْرَثَنَا إيَّاهَا، وَالتَّوْرِيثُ لَا يَكُونُ إلَّا بِالْأَخْذِ وَالتَّمَلُّكِ، وَإِلَّا فَلَمْ يُورَثْ بَعْدَمَا لَمْ تَقْدِرْ أَيْدِينَا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى أَمْوَالَهُمْ لِلْغَانِمِ لَهَا، لَا لِكُلِّ مَنْ لَمْ يَغْنَمْهَا.

[مَسْأَلَةٌ الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ إذَا أَسْلَمَ]

٩٣٧ - مَسْأَلَةٌ:

وَإِذَا أَسْلَمَ الْكَافِرُ الْحَرْبِيُّ فَسَوَاءٌ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ، أَوْ لَمْ يَخْرُجَ، أَوْ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ أَسْلَمَ، كُلُّ ذَلِكَ سَوَاءٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>