وَجَمِيعُ مَالِهِ الَّذِي مَعَهُ فِي أَرْضِ الْإِسْلَامِ؛ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ، أَوْ الَّذِي تَرَكَ وَرَاءَهُ فِي دَارِ الْحَرْبِ مِنْ عَقَارٍ، أَوْ دَارٍ، أَوْ أَرْضٍ، أَوْ حَيَوَانٍ، أَوْ نَاضٍّ؛ أَوْ مَتَاعٍ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ مُودَعًا، أَوْ كَانَ دَيْنًا: هُوَ كُلُّهُ لَهُ، لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ، وَلَا يَمْلِكُهُ الْمُسْلِمُونَ إنْ غَنِمُوهُ أَوْ افْتَتَحُوا تِلْكَ الْأَرْضَ.
وَمَنْ غَصَبَهُ مِنْهَا شَيْئًا مِنْ حَرْبِيٍّ، أَوْ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ: رُدَّ إلَى صَاحِبِهِ وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ إنْ مَاتَ، وَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ مُسْلِمُونَ أَحْرَارٌ - وَكَذَلِكَ الَّذِي فِي بَطْنِ امْرَأَتِهِ.
وَأَمَّا امْرَأَتُهُ وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَفَيْءٌ إنْ سُبُوا وَهُوَ بَاقٍ عَلَى نِكَاحِهِ مَعَهَا، وَهِيَ رَقِيقٌ لِمَنْ وَقَعَتْ لَهُ سَهْمَهُ.
بُرْهَانُ ذَلِكَ - أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ فَهُوَ بِلَا شَكٍّ، وَبِلَا خِلَافٍ، وَبِنَصِّ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ: مُسْلِمٌ؛ وَإِذْ هُوَ مُسْلِمٌ، فَهُوَ كَسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ - وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ» ، فَصَحَّ أَنَّ دَمَهُ، وَبَشَرَتَهُ، وَعِرْضَهُ، وَمَالَهُ حَرَامٌ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ سِوَاهُ، وَنِكَاحُ أَهْلِ الْكُفْرِ صَحِيحٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّهُمْ عَلَى نِكَاحِهِمْ، وَلَوْ كَانَ فَاسِدًا لَمَا أَقَرَّهُ، وَمِنْهُ خُلِقَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَلَمْ يُخْلَقْ إلَّا مِنْ نِكَاحٍ صَحِيحٍ، فَهُمَا بَاقِيَانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا لَا يَفْسُدُ شَيْءٌ، وَلَا غَيْرُهُ إلَّا مَا جَاءَ فِيهِ النَّصُّ بِفَسَادِهِ.
وَالْعَجَبُ أَنَّ الْحَاضِرِينَ مِنْ الْمُخَالِفِينَ لَا يُنَازِعُونَنَا فِي أَنَّ دَمَهُ، وَعِرْضَهُ، وَبَشَرَتَهُ، حَرَامٌ - ثُمَّ يَضْطَرِبُونَ فِي أَمْرِ مَالِهِ، وَهَذَا عَجَبٌ جِدًّا وَقَوْلُنَا هَذَا كُلُّهُ هُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ، وَالشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: إنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَأَقَامَ هُنَاكَ حَتَّى تَغَلَّبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ حُرٌّ، وَأَمْوَالُهُ كُلُّهَا لَهُ، لَا يُغْنَمُ مِنْهَا شَيْئًا، وَلَا مِمَّا كَانَ لَهُ وَدِيعَةً عِنْدَ مُسْلِمٍ، أَوْ ذِمِّيٍّ، وَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ مُسْلِمُونَ أَحْرَارٌ، حَاشَا أَرْضَهُ - وَحَمْلَ امْرَأَتِهِ فَكُلُّ ذَلِكَ غَنِيمَةٌ وَفَيْءٌ وَيَكُونُ الْجَنِينُ مَعَ ذَلِكَ مُسْلِمًا.
وَأَمَّا امْرَأَتُهُ وَأَوْلَادُهُ الْكِبَارُ فَفَيْءٌ.
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: وَأَرْضُهُ لَهُ أَيْضًا.
قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: فَإِنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ثُمَّ خَرَجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ فَأَوْلَادُهُ الصِّغَارُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute