للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا خِلَافَ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ الْأُمَّةِ - وَهُمْ فِي الْجُمْلَةِ - فِي أَنَّ الْمُصَدِّقَ لَوْ - جَاءَ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ لَمَا جَازَ أَنْ يُعْطَى مِنْهَا شَيْئًا، فَبَطَلَ أَنْ يَكُونَ الْحُكْمُ لِمَجِيءِ السَّاعِي؟ وَلَا يَخْلُو السَّاعِي مِنْ أَنْ يَكُونَ بَعَثَهُ الْإِمَامُ الْوَاجِبَةُ طَاعَتُهُ، أَوْ أَمِيرُهُ، أَوْ بَعَثَهُ مَنْ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ، فَإِنْ بَعَثَهُ مَنْ لَا تَجِبُ طَاعَتُهُ فَلَيْسَ هُوَ الْمَأْمُورُ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى أَوْ رَسُولِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِقَبْضِ الزَّكَاةِ، فَإِذْ لَيْسَ هُوَ ذَلِكَ فَلَا يُجْزِئُ مَا قَبَضَ، وَالزَّكَاةُ بَاقِيَةٌ وَعَلَى صَاحِبِ الْمَالِ أَدَاؤُهَا وَلَا بُدَّ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُخِذَ مِنْهُ مَظْلِمَةٌ لَا صَدَقَةٌ وَاجِبَةٌ.

وَإِنْ كَانَ بَعَثَهُ مَنْ تَجِبُ طَاعَتُهُ، فَلَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ بَاعِثُهُ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا، أَوْ لَا يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا، فَإِنْ كَانَ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا فَلَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ دَفْعُ زَكَاتِهِ إلَّا إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمَأْمُورُ بِقَبْضِهَا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ دَفَعَهَا إلَى غَيْرِ الْمَأْمُورِ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ فَقَدْ تَعَدَّى، وَالتَّعَدِّي مَرْدُودٌ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» .

[زَكَاةُ السَّائِمَةِ وَغَيْرِ السَّائِمَةِ مِنْ الْمَاشِيَةِ]

٦٧٨ - مَسْأَلَةٌ:

قَالَ مَالِكٌ، وَاللَّيْثُ، وَبَعْضُ أَصْحَابِنَا: تُزَكَّى السَّوَائِمُ، وَالْمَعْلُوفَةُ، وَالْمُتَّخَذَةُ لِلرُّكُوبِ، وَلِلْحَرْثِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، مِنْ الْإِبِلِ، وَالْبَقَرِ، وَالْغَنَمِ؟ وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: أَمَّا الْإِبِلُ فَنَعَمْ، وَأَمَّا الْغَنَمُ وَالْبَقَرُ فَلَا زَكَاةَ إلَّا فِي سَائِمَتِهَا.

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْحَسَنِ بْنِ الْمُغَلِّسِ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَّا الْإِبِلُ، وَالْغَنَمُ فَتُزَكَّى سَائِمَتُهَا وَغَيْرُ سَائِمَتِهَا، وَأَمَّا الْبَقَرُ فَلَا تُزَكَّى إلَّا سَائِمَتُهَا.

وَهُوَ قَوْلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ دَاوُد - رَحِمَهُ اللَّهُ -؟ وَلَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا فِي أَنَّ سَائِمَةَ الْإِبِلِ وَغَيْرَ السَّائِمَةِ مِنْهَا تُزَكَّى سَوَاءٌ سَوَاءٌ.

وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَالشَّافِعِيُّ: لَا زَكَاةَ إلَّا فِي السَّائِمَةِ مِنْ كُلِّ ذَلِكَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>